دمشق-سانا
أكد باحثون وخبراء، خلال مؤتمر “عام على التحرير.. أفق وتحديات” الذي انطلقت أعماله أمس وتستمر لليوم، أن ما تحقق على صعيد المؤسسات العسكرية والأمنية يُعد خطوة إيجابية، رغم بقاء تحديات قائمة تتطلب توصيفاً دقيقاً وآليات واضحة لمعالجتها، بما يهيئ البيئة المناسبة لبناء مؤسسات عسكرية وأمنية أكثر فاعلية.
وفي تصريح لـ سانا، أشار مدير دائرة مراكز الأبحاث الدولية في وزارة الإعلام، علي الليلي، إلى أن أداء مؤسسات الجيش والأمن بعد عام من التحرير يختلف كلياً عمّا كان عليه في زمن النظام البائد، بما في ذلك وزارة الداخلية من حيث بناء العلاقة مع المواطن السوري، وأوضح أن الدولة تخطو نحو ترسيخ مؤسسات حقيقية تعيد للمواطن كرامته، بدءاً من الأجهزة الأمنية وصولاً إلى المؤسسات المدنية.

ولفت الليلي إلى أن التعاون القائم حالياً بين الجيش وقوى الأمن والمواطنين يعكس انطلاقة مرحلة جديدة أرستها الدولة السورية، تقوم على أسس الثقة المتبادلة واحترام الحقوق، مؤكداً أن هذه المرحلة تسعى إلى تجاوز الصورة النمطية السلبية التي كرسها النظام البائد، حين كان يُنظر إلى رجل الأمن كمصدر للخوف والرعب، والعمل على بناء علاقة إيجابية بين المواطن والمؤسسات الأمنية.
التحديات الأساسية
من جهته، أوضح الباحث في المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة، نوار قباقيبو، أن أحد محاور المؤتمر ركز على ما جرى خلال السنة الأولى من التحرير على مستوى وزارتي الداخلية والدفاع، مشيراً إلى أن التحدي الأساسي ما يزال قائماً في شمال شرق سوريا، ولا سيما فيما يتعلق بكيفية الاندماج، وأضاف: إن هناك إشكاليات أخرى تؤثر في عمل المؤسسة العسكرية، تتصل بالتحديات في بعض الجغرافيات السورية، إضافة إلى الانتهاكات الإسرائيلية.
وأكد قباقيبو أن توصيف هذه التحديات بالشكل الصحيح ومنحها حجمها الحقيقي يتيح إيجاد الأدوات المثالية لتجاوزها، موضحاً أن التحديات المركبة قد تتزامن في الجغرافيا نفسها، مثل فلول النظام البائد و”داعش” والانتهاكات الإسرائيلية، ما يستوجب العمل على آليات لفك هذا الترابط وتهيئة بيئة مناسبة لخلق مؤسسة عسكرية وأمنية ذات أداء أفضل.
بناء الثقة بين الأجهزة الأمنية والشعب

وفي تصريح آخر، بينت الباحثة في المعهد الإيطالي بميلانو، سليفيا كارينسي، أن بناء الثقة بين الجيش والأجهزة الأمنية من جهة والشعب السوري من جهة أخرى يشكل نقطة محورية لمستقبل البلاد. وأكدت في الوقت ذاته الدور الكبير الذي يضطلع به المجتمع المدني في هذا المجال، مشيرة إلى أن الباحثين بات لديهم اليوم فرصة لزيارة سوريا ونقل الصورة الواقعية، وهو ما يشكل فرصة مهمة مقارنة بالماضي.
تقييم مباشر للأداء الحكومي
كما أكد الباحث في الشأن الدولي والعلاقات الدولية، أنس الجديعو، أن أهمية هذه المؤتمرات تكمن في كونها منصة تفاعلية للتقييم المباشر للأداء الحكومي والعمل على تطويره، من خلال تبيان مواطن الضعف ومكامن الخلل، وأوضح أن القضايا المطروحة، من أمن وسياسة واقتصاد وقانون ونسيج اجتماعي، تصب جميعها في بوتقة واحدة هي إعادة بناء الدولة ومؤسساتها بما يتناسب مع تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل أكثر عدالة وتنمية واستدامة، بما يعزز الاستقرار المجتمعي ويوفر بيئة آمنة لبناء سوريا الجديدة، سوريا للجميع.
يُذكر أن أعمال مؤتمر “عام على التحرير.. أفق وتحديات” انطلقت أمس في فندق الشام بدمشق، بحضور وزير الإعلام حمزة المصطفى، ومشاركة عدد من الباحثين السياسيين والاقتصاديين.