دمشق-سانا
بمناسبة عيد التحرير واليوم العالمي للغة العربية، أقام مجمع اللغة العربية بدمشق احتفالية خاصة تعزيزاً لمكانة اللغة العربية والتأكيد على دورها الحضاري والثقافي، وعرض محاسنها وخصائصها وسبل خدمتها في الحاضر والمستقبل بحضور عدد من السفراء والعلماء وأعضاء المجمع، وممثلي المؤسسات الثقافية والتعليمية.
وأكد الدكتور محمد قاسم أمين المجمع الذي أدار الندوة أن هذه الفعالية تأتي في سياق حرص مجمع اللغة العربية بدمشق على الاحتفاء بعيد التحرير واليوم العالمي للغة العربية، بوصفهما مناسبتين لتعزيز مكانة العربية وإبراز جمالياتها بين لغات العالم، وشدد على أن العربية تظل رابطة جامعة لأبناء الأمة، وأن الاحتفاء بها يهدف إلى تعميق الوعي بقيمتها الحضارية والوجدانية في نفوس الناشئة والمتخصصين على حد سواء.
المجمع يحتفي بالعربية في يومها العالمي

أكد رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق الدكتور محمود السيد خلال مداخلته “جماليات اللغة العربية”، أن هذا اليوم يجسد اعتزاز السوريين بلغتهم الأم ورمز هويتهم الثقافية والحضارية، مؤكداً أن الأمل كبير برؤية سوريا موحدة مزدهرة في المستقبل القريب.
العربية لغة رسالة وجمال
أوضح الدكتور السيد أن من أعظم نعم الله على الأمة أن أنزل القرآن الكريم بلغة الضاد، وجعلها من اللغات الست المعتمدة عالمياً في الأمم المتحدة، ما يوجب على أبنائها التمسك بها والمحافظة على نقائها استخداماً وكتابةً، حيث بين أن جمال اللغة العربية يتجلى في تناغم أصواتها وانسجام تراكيبها ودقة مفرداتها في التعبير عن أدق المعاني والأحوال، حتى غدت توصف بأنها اللغة الشاعرة التي تمتلك موسيقاها الداخلية وسحرها الخاص في الشعر والنثر.
مجالات الجمال الفني في العربية

لفت رئيس المجمع إلى أن مظاهر الجمال في العربية لا تقتصر على اللفظ والمعنى، بل تمتد إلى جمالية الخط العربي الذي يعد فناً بحد ذاته، وإلى الإيجاز البليغ الذي يختصر المعاني بألفاظ قليلة ذات وقع عميق، كما تتميز العربية بثرائها التعبيري وكثرة مفرداتها وتنوع اشتقاقاتها، ما يجعلها قادرة على مواكبة العصر والتعبير عن مستجداته بلغة متجددة تؤكد عمقها الحضاري وقدرتها على الإبداع والجمال.
وأشار الدكتور السيد إلى أن جمال اللغة العربية يتجلى في انسجام صوتياتها ودقة تركيبها وثراء معانيها، فهي لغة موسيقية شاعرة ارتبطت بالفن والجمال عبر تاريخها الطويل، مبرزاً أمثلة من الشعر العربي القديم والحديث ومن الإعجاز القرآني الذي يبرهن على تفرد العربية بين لغات العالم، حيث تناول في مداخلته جمالية الخط العربي وأثره في إعلاء قيمة الكلمة وتزيين المعمار والفنون الإسلامية، لافتاً إلى ضرورة تنمية الذائقة الجمالية لدى الناشئة من خلال الشعر والنثر الرفيع.
خصائص اللغة العربية من منظور علمي
عقب ذلك، ألقى الدكتور عبد الناصر عساف مداخلة بعنوان “خصائص العربية من وجهة نظر أصحابها”، تناول فيها أهم السمات التي تميز العربية عن غيرها من اللغات كالبيان وسعة المفردات والاشتقاق والإعراب، وبين أن معرفة هذه الخصائص تمثل أساساً سليماً لأي بحث لغوي أو معالجة لقضايا اللغة المعاصرة، وشدد على أن الوعي بخصائص اللغة هو الطريق الصحيح للرد على الحملات التي تستهدف مكانتها في التعليم وأوساط الشباب.
اللغة العربية تتفوق عالمياً بمنظومتها الجذرية ودقتها النحوية
في مداخلته التي حملت عنوان “مزايا للعربية تفارق بها اللغات الأوروبية”، أوضح الدكتور نضال شمعون، عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، أن اللغة العربية تمتلك منظومة لغوية فريدة تتفوّق على معظم لغات العالم في بنيتها الجذرية ودقتها النحوية، حيث أشار إلى أن النظام الجذري يعد من أعظم الابتكارات اللسانية، إذ يسمح باشتقاق عدد كبير من المفردات من جذر واحد، ما يمنح العربية ترابطاً دلالياً وصرفياً لا مثيل له.
وفي ختام الندوة، أكد المشاركون أن اللغة العربية تمثل هوية الأمة وذاكرتها الحضارية، وأن الاهتمام بجمالياتها وخصائصها مسؤولية جماعية تبدأ من التعليم والثقافة إلى الإعلام، مشيرين إلى أن مجمع اللغة العربية بدمشق سيواصل برامجه لتعزيز حضور اللغة الفصيحة في الحياة العامة والبحث العلمي.
ويعد اليوم العالمي للغة العربية مناسبة سنوية يُحتفل بها في 18 كانون الأول، وهو التاريخ الذي اعتُمدت فيه العربية لغةً رسمية من لغات العمل في الأمم المتحدة عام 1973، قبل أن تخصصه اليونسكو عام 2012 يوماً عالمياً للاحتفاء بلغة الضاد ودورها الحضاري، ويهدف هذا اليوم إلى إبراز إسهام العربية في إنتاج المعرفة والآداب والعلوم، وتعزيز حضورها في التعليم والإعلام والفضاء الرقمي، وتشجيع المبادرات التي تصون هويتها وتُنمّي استعمالها لدى الأجيال الجديدة.