دمشق-سانا
شكل مسار التحول الرقمي في سوريا، هاجساً لدى الوزارات والمؤسسات العامة، ومنها وزارة النقل التي تعمل مديرية المعلوماتية وأنظمة النقل الحديثة فيها على تحقيق خطوات متسارعة في تطوير البنية الرقمية والخدمات الإلكترونية، رغم التحديات القانونية والتقنية التي أعقبت مرحلة التحرير.
وخلال النصف الأول من عام 2025، أنجزت المديرية حزمة واسعة من البرامج والأنظمة المؤتمتة التي أسهمت في تبسيط الإجراءات، وتسريع المعاملات، ورفع كفاءة الأداء الإداري في الوزارة ومديريات النقل بالمحافظات.
حماية البيانات وبناء بنية رقمية
أكد مدير المديرية محمد رجب مرعي في تصريح لـ سانا، أن حماية قواعد البيانات المركزية كانت أولوية قصوى، حيث تم في الثامن من كانون الأول العام الفائت فصل سيرفرات النقل للحفاظ على سلامة المعلومات ومنع أي عبث أو تغيير من قبل من يملكون صلاحيات الوصول.
وأشار مرعي إلى أن المديرية قامت بعد التحرير بإعادة هيكلة أقسامها وإنشاء وحدات متخصصة في البرمجة، وأمن المعلومات، والشبكات، والصيانة التقنية، مبيناً أن الكوادر الوطنية أصبحت اليوم مسؤولة عن إدارة كل المهام المعلوماتية دون الحاجة إلى جهات خارجية.
وأوضح مرعي أن المديرية أطلقت مجموعة من البرامج الرقمية للمديريات المركزية، وساهمت عمليات الرقمنة في حل مشكلة تأخر المعاملات الورقية وضياع الكتب الرسمية، حيث بات بإمكان الموظف تتبع المراسلات إلكترونياً، ومعرفة أسباب التأخير أو الرفض فوراً.
ويجري العمل حالياً بحسب ما قاله مرعي، على تطوير نظام إدارة الموارد البشرية بما يمكّن الموظفين من تحديث بياناتهم وطلب الإجازات والاطلاع على سجلاتهم ورواتبهم إلكترونياً.
مستقبلاً… خدمات النقل بالكامل عبر الإنترنت
بيّن مرعي أن الخطة المستقبلية تمتد لثلاث سنوات وتهدف إلى رقمنة 60 بالمئة من معاملات الوزارة المرتبطة بالمواطنين، وصولاً إلى تنفيذ كل الخدمات عبر الإنترنت، من نقل ملكية السيارات وتجديد التراخيص إلى الدفع الإلكتروني وتوصيل رخص السير إلى المنازل.
وقال مرعي: “نطمح لأن تصبح سوريا نموذجاً يُحتذى في مجال النقل الذكي، كما ننظر اليوم إلى دبي وأوروبا، سيقول العالم غداً… انظروا إلى سوريا”.
تحديات قانونية وبرمجية
رأى مرعي أن أبرز التحديات تتمثل في القوانين والأنظمة القديمة التي تعيق التسهيلات الرقمية، مشدداً على أهمية تحديث التشريعات الحالية لمواكبة التطور التقني، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على تحديث قانون السير والرسوم بالتنسيق مع وزارات الداخلية والمالية والجهات المعنية.
الهيكلية الداخلية… دوائر متخصصة تدير التحول الرقمي
أشار مرعي إلى أن المديرية وفق آلية التحول الرقمي تتضمن عدة دوائر هي:
- دائرة الشبكات، وتتولى ربط جميع مراكز الوزارة في المعابر الحدودية والمحافظات مع الإدارة المركزية، إضافة إلى الربط الفني مع الجهات الشريكة مثل وزارتي الداخلية والاتصالات.
- دائرة الصيانة والدعم الفني، وتشرف على صيانة الأجهزة والأنظمة في دمشق وريفها، وتنفذ مهمات تقنية في باقي المحافظات، ونجحت الدائرة في تركيب أنظمة مراقبة ذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي في عدد من المديريات، رغم التحديات المالية المتعلقة بتأمين قطع الغيار.
- دائرة الخدمات الإدارية والمالية، وتعنى بمتابعة الشؤون الإدارية واللوجستية وضمان جاهزية التجهيزات اللازمة لكل الأقسام.
دائرة البرمجة… قلب التطوير الرقمي

تعد دائرة البرمجة العصب التقني في الوزارة، حيث تشرف على تطوير برامج متخصصة بإجازات السوق والمواصلات والموارد البشرية وتنظيم الدور الإلكتروني، وفق تصريح رئيس الدائرة هاني جراد لسانا.
وأوضح جراد أن عدد السجلات الرقمية تجاوز 3.5 ملايين سجل موحد على مستوى المحافظات، مما سمح بإطلاق أنظمة جديدة لمعالجة الثغرات السابقة في بيانات اللوحات والمركبات.
أبرز المشاريع التقنية
يُعتبر برنامج المواصلات من أبرز المشاريع التقنية التي أتاحت حفظ بيانات المركبات وتجديد التراخيص واستيفاء الرسوم إلكترونياً، ويجري استخدامه حالياً في مديريات إدلب وريفها، حيث تحولت المعاملات من ورقية إلى رقمية بالكامل.
أيضاً برنامج مدارس السياقة الذي أصبح من خلاله الفحص النظري مؤتمتاً بالكامل، بينما يُدخل الفحص العملي عبر تطبيق محمول يرسل النتائج مباشرة إلى سيرفرات الوزارة.
وبالنسبة لبرنامج العائديات والبيانات المركزية، فإنه يوفر قاعدة بيانات دقيقة تربط الجهات الرسمية بالمركبات المطلوبة، ويشمل أكثر من 70 ألف مركبة بلا قيود، قيد التدقيق حالياً لضمان موثوقية السجلات.
الموقع الإلكتروني الجديد
وفق جراد، تم الانتهاء من تصميم الموقع الرسمي الجديد لوزارة النقل ولوحة التحكم الخاصة به، وبانتظار الربط مع قواعد البيانات المركزية لإطلاقه كمنصة موحدة لخدمة المواطنين.
وبهذه الإجراءات تسير وزارة النقل نحو التحول الرقمي الشامل، رغم التحديات التقنية والتشريعية، فما تحقق حتى اليوم يعبّر عن رؤية استراتيجية لبناء نظام نقل ذكي ومؤتمت بالكامل، يضع خدمة المواطن على رأس الأولويات، ويواكب التقدم الحاصل في الخدمات الحكومية الذكية إقليمياً وعالمياً.