دمشق-سانا
يواصل معمل تصنيع لوحات السيارات في القدم بدمشق أعماله لإنتاج لوحات معدنية حديثة، بمواصفات فنية وأمنية عالية، وفقاً لمعايير دولية معتمدة، ضمن مشروع متكامل لاستبدال اللوحات القديمة بأخرى موحدة على مستوى سوريا بما يُسهم في الحد من التزوير وتحسين تنظيم بيانات المركبات، وذلك بالتنسيق بين المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي التي تشرف على تشغيل المعمل وشركة متخصصة في هذا المجال.
تقنيات ورموز خاصة للحد من التزوير

مدير الجر والآليات في المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي محمود زركلي أوضح في تصريح لمراسلة سانا، أن اللوحات الجديدة تُصنع من مواد معدنية عالية الجودة، وتُطبع بتقنيات تضمن وضوح الأرقام وسهولة قراءتها من مسافات بعيدة، مشيراً إلى احتوائها على رموز أمنية غير مرئية وعلامات تعريف سرية للحد من عمليات التزوير والتلاعب.
اسم “سوريا” بدل المحافظات في التصميم الجديد
التصميم الجديد للوحات، الذي صدر بعد التحرير، ألغى أسماء المحافظات، مكتفياً بكلمة “سوريا” إلى جانب العلم الوطني ورمز الفئة (خاصة، عمومية، دبلوماسية، إلخ)، بما يُسهم في تسهيل حركة المركبات بين المحافظات وتعزيز الهوية الوطني، وفق الزركلي.
كما تعتمد اللوحات الجديدة نظام ترميز رقمي دقيق، يتألف من رقم ثابت يُعبّر عن نمط اللوحة وفئتها (مثل: “12” للسيارات السياحية الخاصة، “50” للسياحية العامة، “61” لسيارات النقل الخاصة، و”57″ للمركبات العامة/باص أو ميكرو باص)، يليه رقم متغير يُمثّل الرقم التسلسلي الفريد للمركبة، ويسهم هذا النظام في تنظيم عملية تسجيل المركبات وتسهيل أعمال الفرز والتوثيق الإلكتروني على مستوى القطر.
انطلاقة العمل بعد التحرير
بحسب زركلي، بدأ المعمل أعماله بشكل رسمي بعد التحرير، في الخامس من كانون الثاني من العام الجاري، بعد استكمال تجهيز خطوط الإنتاج وتوريد المعدات والتقنيات اللازمة، وذلك في إطار تنفيذ خطة وطنية شاملة لتحديث منظومة اللوحات المعدنية للسيارات.
وأشار زركلي إلى أنه خلال سنوات الحرب، وبسبب تعذّر الوصول إلى معمل القدم، تم نقل أعمال التصنيع مؤقتاً إلى موقع بديل في منطقة الميدان بدمشق، حيث اقتصر العمل حينها على تلبية الطلبات بشكل محدود، دون تنفيذ برنامج استبدال شامل أو تصنيع على نطاق واسع، لافتاً إلى أنه لم يكن هناك إنتاج للوحات مخصصة بالفئات، بل كان التصنيع يتم فقط وفق الحاجة وبشكل يدوي للنموذج الجديد.
خطوط إنتاج نصف آلية
أوضح زركلي أن المعمل، الذي يُعدّ قسماً من معامل القدم العريقة التي يعود تأسيسها إلى عام 1908، شهد مؤخراً تحديثاً كبيراً عبر إدخال خطوط إنتاج نصف آلية مؤتمتة، تواكب الزيادة الكبيرة في عدد المركبات، وتتيح التوسّع في تسلسل الأرقام.
وتتجاوز الطاقة الإنتاجية الحالية للمعمل 150 ألف لوحة شهرياً، ويتم العمل على مدار الساعة لتلبية احتياجات مديريات النقل في كل المحافظات، دون الحاجة إلى الاستيراد.
مراحل تصنيع اللوحات المعدنية

تمر اللوحات المعدنية في معمل القدم بعدة مراحل دقيقة، تضمن الجودة العالية والحماية من التزوير، وفق تسلسل تقني مؤتمت جزئياً، بدءاً من استلام المواد الأولية وصولاً إلى التغليف والتسليم، وفق توضيحات كل من العاملين فراس إبراهيم، ومعاذ حميد، وراما الحوراني.
وتشمل مراحل التصنيع:
- توريد اللوحات الخام: حيث يتم استلام اللوحات المعدنية مقصوصة مسبقاً من بلد المنشأ، وفق القياسات المعتمدة لكل فئة، ومطبوع عليها العلم السوري وكلمة “SYR”
- منح الرقم التسلسلي والرمز الأمني: تُزوّد كل لوحة برقم تسلسلي خاص يُولَّد إلكترونياً عبر برنامج خاص، مع رمز QR فريد لأغراض التتبع والمطابقة.
- تشكيل الأرقام والحروف: تُشكَّل بواسطة مكابس نصف آلية دقيقة، تُدار برمجياً بما يضمن دقة الترقيم وتناسق المظهر العام.
- الطباعة والتلوين الحراري: باستخدام طابعة حرارية لطباعة تفاصيل اللوحة بالألوان الخاصة بكل فئة، مع مراعاة شروط الرؤية والوضوح.
- التدقيق والتغليف والحماية: حيث تخضع اللوحات لمرحلة تغليف نهائي يحميها من العوامل البيئية، قبل فرزها وتجهيزها للشحن.
- التوزيع والتسليم: تُرسل اللوحات إلى مديريات النقل في المحافظات ضمن خطة الاستبدال الموضوعة من وزارة النقل، أو لتلبية طلبات لوحات الإدخال المؤقت.
عوائد اقتصادية وتخفيض سعر اللوحة للنصف
أكد مدير الجر والآليات في المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي أن المشروع يُحقق عوائد مالية مهمة لخزينة الدولة، فضلاً عن مساهمته في ضبط حركة المرور، وتنظيم بيانات المركبات، وتعزيز عمل إدارات المرور والجهات الأمنية، إلى جانب الحد من ظاهرة اللوحات المزوّرة.

وأشار زركلي إلى أنه تم تخفيض سعر اللوحة الواحدة للمواطنين بنسبة 50% عما كان سائداً قبل التحرير، في إطار الحرص على التخفيف من الأعباء المالية.
تعديل اللوحات القديمة
وبالنسبة للوحات المطبوعة بالعلم القديم والمباعة للمواطنين قبل التحرير، أوضح زركلي أنه سيتم تعديلها في المرحلة القادمة دون تحميل المواطن أي أعباء مالية جراء التعديل.

أما اللوحات التي تم إصدارها أو بيعها بعد التحرير، فإن المعمل يلتزم بتعديلها لتتناسب مع النموذج المعتمد دون تحميل المواطن أي تكلفة إضافية، حيث تم تعديل جميع اللوحات المخزنة في مستودعات المعمل بالكامل على نفقة المعمل.
كادر فني مؤهل وتسهيلات للمواطنين
يضم المعمل نحو 40 عاملاً وفنياً موزعين على كل خطوط الإنتاج، ويعملون وفق جدول زمني دقيق لتلبية الطلب المتزايد.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة النقل مؤخراً أن عملية استبدال اللوحات تتم تدريجياً وفق جداول زمنية محددة لكل فئة من المركبات، مع توفير إمكانية الدفع الإلكتروني، ومراكز تسليم في معظم المحافظات مستقبلاً.
ويأتي مشروع تصنيع لوحات السيارات ضمن خطة حكومية لتحديث منظومة النقل في سوريا، من خلال إنتاج لوحات معدنية موحدة بمواصفات أمنية وفنية متطورة، تسهم في تعزيز السلامة المرورية، وضبط بيانات المركبات، والحد من التزوير، في خطوة استراتيجية تعكس التوجّه نحو الرقمنة والتنظيم الشامل لقطاع النقل.



