ريف دمشق-سانا
تضع الأم الثكلى يدها على ما تبقى من ثياب ولدها حسين وكأنها تراه يقف نصب عينيها طفلاً.. شاباً.. بطلاً..شهيداً مع رفاق شاركوه طريق الثورة السورية.
دموع حارقة تغطي وجه السيدة أم حسين ، وأسى ولوعة أرهقا عمرها الذي قضت 11 عاماً منها تنتظر معرفة مصير حسين الذي انقطعت أخباره منذ 27 شباط 2014 ، والآن تأكدت من استشهاده مع 170 شخصاً تم العثور على رفاتهم في مقبرة جماعية اكتشفت أمس الأول في العتيبة بريف دمشق.
وفي حديث لسانا بموقع المقبرة .. تتذكر أم حسين حواراً دار مع ولدها عام 2011، عندما أتى إليها حاملاً علم الثورة لتخيطه، جلست خلف ماكينتها وأصلحته، فقال لها حسين: “أمي أنت لمست علم الحرية.. أمي أنت صرت معنا” فتجيبه.. أنا سعيدة طالما هذه رغبتك.
أم حسين تعرفت على رفات ابنها بين الضحايا الذين قتلهم النظام البائد بعد مجزرة مروعة قام بها عقب كمين نفذته قواته وأسفر عن استشهاد عشرات الأشخاص واختفاء ما يقارب 270 مدنياً وعسكرياً منشَقاً.
قلب أم يروي وجع السوريين
فتحت المقبرة الجروح مجدداَ.. تتابع أم حسين : “حسين خرج من الغوطة متجهاً إلى الضمير، اتصل بي وأخبرني عن رغبته بلقائي في الضمير، فسألته ومتى اللقاء، أجابني حتى يأذن لنا الله، وحينها كنا نازحين من بلدة عين ترما إلى منطقة جرمانا، بعد أن نفذ النظام البائد مجزرته الكيماوية في الغوطة الشرقية.
ومن ذاكرة لاتنطفئ تروي أم حسين بعض التفاصيل … حسين سلك طريق العتيبة مع بعض الأشخاص وهم في طريقهم من الغوطة إلى الضمير في (منطقة البحيرة) بالعتيبة ، حيث نصب كمين لهم، مع وجود كاميرات مراقبة، وما إن وطأت أقدامهم حتى وقع الانفجار.
تضيف أم حسين وهي تضع يدها على كنزة صوفية لابنها كانت اللباس الأخير الذي ارتداه قبل استشهاده: “تعرّفت على ابني من هذه الكنزة، ففي البداية عندما وقع التفجير أُرسلت لي صورته وهو يرتدي هذا اللباس نفسه فظننت أنه في غيبوبة، وكل أملي أن يكون على قيد الحياة”.
تتحدث أم حسين بصوت عال عن كل ما كانت تفكر به طول فترة اختفاء ابنها” ربما أسعف إلى مشفى، أو ربما اعتقله أمن النظام المجرم ورماه في أحد المعتقلات كما يفعل عادة”.
رفات الضحايا تفضح جرائم النظام البائد
وطالبت أم حسين الجهات المعنية باسترداد حقوق الشعب الذي ظُلم، و تحصيل حق كل مظلوم و كل سجين قضى في سجون النظام البائد ، وحق كل من ظلم وهجر قسرياً لسنوات طوال.
وكان المحامي العام في ريف دمشق، القاضي محمد عمر هاجر، أعلن أمس عن اكتشاف مقبرة جماعية في منطقة البحيرة بالعتيبة، تحتوي على رفات نحو 170 مدنياً من أهالي الغوطة الشرقية والمناطق المجاورة، ممن قضوا أثناء محاولتهم الفرار من الحصار والمجاعة قبل سنوات.
وستظل جريمة العتيبة شاهداً حيّاً على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام البائد بحق الشعب السوري، خلال سنوات الثورة السورية التي انتصرت في 8 كانون الأول الماضي وحررت البلاد من عقود الظلم والإجرام.