حماة-سانا
بين منازل مدمرة وجدران وأسقف متهالكة جراء قصف وتخريب النظام البائد، عاد الآلاف من المهجرين السوريين إلى ديارهم في ريف حماة الشمالي بعد تحرير البلاد وانتصار الثورة السورية، حاملين معهم حلم الحياة الطبيعية في بلدهم، بعد سنوات من مرارة التهجير وألم الغربة.
أقدام المهجرين خطت نحو منازلهم المدمرة التي تحتفظ برائحة ذكرياتهم وآمالهم وآلامهم، دون أن يمنعهم مشهد الركام والدمار من التمسك بالأمل، بل يزيدهم عزيمة على إعادة ترميم الحياة حجراً بعد حجر، رغم التحديات والصعوبات التي تواجههم وتتطلب تضافر جهود الجميع لإعادة بناء وترميم ما دمره النظام المجرم.
الترميم ضرورة
يقول محمد الدعبول من أهالي مدينة حلفايا: فرحة التحرير لا توصف، لكنها ممزوجة بعجز، فمنزلي تهدم بالكامل، واضطررت على استئجار منزل صغير يؤويني مع عائلتي، معرباً عن أمله في مد يد العون للمهجرين العائدين من قبل المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية لترميم المنازل المتضررة لتأمين مأوى لهم يقي حر الصيف وبرد الشتاء، ويقول: “نحن نمتلك الإرادة لكن لا نملك الإمكانات”.
المنزل يعزز الانتماء
وفي بلدة الجلمة، يخوض ناصر العليوي تجربة الترميم بإمكانيات محدودة، ويقول: “عائلتي كبيرة ومنزلي تعرض للتهديم الجزئي، وهو غير صالح للسكن، لذلك بدأت مباشرة بإصلاح غرفة واحدة فقط لتسكنها عائلتي، كون إعادة ترميم المنزل بشكل كامل تحتاج إلى إمكانات تتجاوز قدرتنا الفردية”، وأكد أن السكن بالمنزل يعزز الشعور بالانتماء للمجتمع والعودة للحياة الطبيعية، وتوفير ظروف معيشية أفضل.
التمسك بالمكان
أما محمد الإبراهيم من منطقة الغاب، فيشير إلى أن ترميم المنزل الذي يملكه يحتاج إلى وقت طويل بسبب عدم توفر العمال بمختلف المهن، إضافة إلى التكلفة المادية الباهظة، وعدم توفر مواد البناء بشكل كافٍ، لافتاً إلى أنه اضطر للسكن في خيمة بجانب بيته المتضرر، ريثما يتمكن من ترميم المنزل والسكن فيه، ومؤكداً تمسكه بالأمل كما يتمسك بالمكان”.
لا حياة بلا مأوى
وفي معرزاف، يشير عبد المحسن الرحمون إلى أن إيجاد منزل ملائم يشكل الهاجس الأكبر لدى معظم العائدين إلى مناطق سكنهم، حيث لا حياة بلا مأوى، داعياً الجهات المعنية إلى توفير دعم مالي يتيح لهم ترميم منازلهم من خلال المنح أو القروض بدون فوائد لأن وجود المنزل يمثل أول متطلبات الحياة الكريمة.
العودة انتصار
ويؤكد العائدون أن عودتهم بحد ذاتها انتصار، وأن مشهد الدمار لا يعني نهاية الطريق بالنسبة لهم، بل بداية رحلة وورشة عمل لإعادة بناء سوريا بجهود جماعية، رسمية وشعبية.