القدس المحتلة-سانا
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود متزايدة على عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسط تحذيرات أممية ودولية من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى انهيار العملية الإنسانية في قطاع غزة، الذي يواجه كارثة غير مسبوقة جراء حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من عامين.
اقتحامات وتشريعات تستهدف وجود الأونروا
في الثامن من كانون الأول، اقتحمت قوات الاحتلال مقر الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، واحتجزت الحراس وصادرت هواتفهم وأغلقت المنطقة بالكامل، المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني وصف الخطوة بأنها “تحدٍ للقانون الدولي وتجاهل لحرمة مباني الأمم المتحدة”، مؤكداً أن إسرائيل تنتهك التزاماتها كدولة عضو في المنظمة الدولية.
وجاء الاقتحام بالتزامن مع بدء تطبيق قوانين أقرها الكنيست الإسرائيلي لحظر عمل الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ومنع أي تواصل رسمي معها، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة تهديداً مباشراً لاستمرار الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، كما قلصت سلطات الاحتلال مدة تأشيرات موظفي الأونروا الدوليين، ما أجبرهم على نقل مكاتبهم من القدس إلى عمان، فيما يتعرض الموظفون المحليون لاعتداءات وتهديدات من مجموعات المستوطنين.
تضييق خانق في غزة وعرقلة دخول المساعدات
في قطاع غزة، تواجه الأونروا ضغوطاً غير مسبوقة، إذ تمنع سلطات الاحتلال دخول جزء كبير من المساعدات الإنسانية وتفرض قيوداً على حركة موظفي الوكالة، رغم أن الأونروا وفرت أكثر من 60% من الغذاء الذي دخل القطاع منذ اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من تشرين الأول الماضي.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي شددا خلال اتصال هاتفي، على ضرورة دعم الوكالة وتمكينها من الاستمرار في تقديم خدماتها الحيوية، ولا سيما في ظل استمرار الاحتلال في منع دخول المساعدات بالكم الكافي.
الموقف الفلسطيني: استهداف الأونروا حرب على الوجود
الحكومة الفلسطينية اعتبرت الإجراءات الإسرائيلية “حرباً على الوجود الفلسطيني”، مؤكدة أن استهداف الأونروا يهدف إلى إنهاء ملف اللاجئين وإلغاء حق العودة، شخصيات فلسطينية أوضحت أن الاحتلال يسعى إلى تفكيك الوكالة لأنها الشاهد الدولي الأبرز على نكبة الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن الهجمات المتكررة على مقار الأونروا تأتي ضمن سياسة ممنهجة لإضعافها وتقويض دورها.
دول عربية ودولية عدة، بينها السعودية وقطر ومصر والأردن والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان، أدانت في بيان مشترك الإجراءات الإسرائيلية، مؤكدة أن الأونروا تمثل “خط الدفاع الأول” عن اللاجئين الفلسطينيين، وأن استهدافها يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
تحذيرات أممية من انهيار الخدمات الأساسية
تقارير أممية حديثة حذرت من أن منع إسرائيل للأونروا من العمل في غزة سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات، وخصوصاً مع انتشار سوء التغذية ونقص المياه الصالحة للشرب وغياب الرعاية الصحية الأساسية، وتشير بيانات الوكالة إلى أن أكثر من 62 ألف طالب عادوا إلى التعليم عبر برامج بديلة رغم الدمار، فيما توفر الأونروا 90 ألف متر مكعب من المياه يومياً وتزيل آلاف الأطنان من النفايات.
ويرى مراقبون أن مستقبل الأونروا، التي تأسست عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بات مرتبطاً بمدى قدرة المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي، وضمان استمرار عمل الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ففي الخامس من الشهر الجاري، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة خمسة قرارات بأغلبية كبيرة دعماً للقضية الفلسطينية، من بينها تمديد ولاية الأونروا لثلاث سنوات إضافية، في خطوة تعكس تنامي الدعم الدولي للوكالة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والضفة الغربية.