القدس المحتلة-سانا
يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه الشاملة على الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، والتي لم تقتصر على قتل المدنيين وتهجيرهم، بل امتدت لتشمل تدميراً ممنهجاً وسرقة للتراث الحضاري، في انتهاك صارخ لاتفاقية لاهاي لعام 1954 التي تجرّم استهداف المواقع الثقافية.
على مدى عامين من العدوان، استهدفت قوات الاحتلال أكثر من 300 موقع أثري، في محاولة لمحو الذاكرة التاريخية وطمس الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني.
مدينة غزة القديمة التي كانت تزخر بإرث حضاري عريق، تحولت إلى ركام، ومن أبرز الشواهد على ذلك قصر الباشا المملوكي، الذي لم يقتصر القصف على تدميره، بل أكدت مديرة المتحف ناريمان خلة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي سرقت منه أكثر من 17 ألف قطعة أثرية نادرة تعود لعصور مختلفة خلال اجتياحه البري.
وأوضح زكريا الهور، مدير عام وزارة السياحة والآثار في غزة، أن الدمار طال 316 موقعاً ومبنى أثرياً بشكل كلي أو جزئي، ما أدى إلى طمس قيم دينية وثقافية تؤكد أصالة الشعب الفلسطيني.
ويقف ما تبقى من مئذنة المسجد العمري الكبير، ثالث أكبر مساجد فلسطين، شاهداً على حجم الكارثة، بعد أن حوله الاحتلال إلى ركام ودمر مكتبته التاريخية.
كما اختفى حمام السمرة العثماني، آخر الحمامات الأثرية في القطاع، ولم تسلم كنيسة القديس برفيريوس، ثالث أقدم كنيسة في العالم، من القصف الذي ألحق بها دماراً هائلاً.
إن استهداف التراث ليس مجرد ضرر مادي، بل هو جريمة حرب تسعى إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من تاريخه وأرضه عبر محو ذاكرته وهويته من جذورها.