القدس المحتلة-سانا
مشهد الحرب في قطاع غزة يواصل تكريس صور مأساوية متكررة، حيث يجد الأطفال الفلسطينيين في صدارة الاستهداف المباشر لأساليب تفخيخ خطيرة اعتمدها الاحتلال في المناطق التي انسحب منها في القطاع حتى باتت العودة إلى المنازل المدمرة لم تعد تحمل بارقة أمل، بل تحولت إلى مغامرة محفوفة بالموت بين ركام الشوارع وأنقاض البيوت.
فرق الإنقاذ والهلال الأحمر الفلسطيني كشفت خلال الأيام القليلة الماضية عن ألعاب ودمى محشوة بمواد متفجرة تركها الاحتلال في منازل مدمرة ومناطق انسحب منها شمال قطاع غزة، ما يزيد من المآسي التي تطارد أطفال غزة.
مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش، أوضح أن الجيش الإسرائيلي استخدم أسلوباً “شيطانياً” في تفخيخ أجسام مدنية بألغام وعبوات متفجرة، بعضها صُمم على هيئة ألعاب ودمى ودببة صغيرة بألوان زاهية تجذب الأطفال.
وأضاف البرش: “نستقبل يومياً عشرات الأطفال مبتوري الأطراف أو مصابين بتشوهات بسبب فضولهم الفطري تجاه ما يظنونه ألعاباً بريئة، الاحتلال جعل من اللعب وسيلة قتل متعمدة”، لافتاً إلى أن التقارير الميدانية تُظهر أن الأمر لم يقتصر على الدمى، بل شمل أيضاً علب طعام ومواد تموينية تُركت في المنازل والشوارع، لتنفجر في وجه من يحاول فتحها بدافع الجوع أو الحاجة.
أحد عناصر الدفاع المدني الفلسطيني قال: إنهم اكتشفوا دمية ملونة محشوة بعبوة متفجرة أثناء تفقد أحد المنازل شمال غزة، مضيفاً: إن هذه ليست مصادفة، بل فعل مدروس يستهدف أرواح الأطفال الأبرياء، حيث عثرت فرق الإنقاذ أيضاً على نماذج مشابهة في بيت حانون وجباليا، ما يؤكد أن الأسلوب ممنهج وليس عملاً فردياً، بل سياسة عسكرية تستهدف خلق حالة من الرعب الدائم بين الفلسطينيين.
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، وصف استخدام الأغراض المدنية لأغراض عسكرية بأنه “انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني”، مشيراً إلى أن تعريض الأطفال للخطر عبر تفخيخ الألعاب أو المواد الغذائية يعتبر “جريمة حرب” ودعا إلى تحقيق دولي مستقل ومساءلة قانونية عاجلة بحق المسؤولين عن هذه الأفعال، مشيراً إلى أن تكرارها يعكس نمطاً ممنهجاً من الانتهاكات.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود نحو 7500 طن من الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة في أنحاء قطاع غزة، ما يجعل الحياة اليومية لسكان القطاع محفوفة بالموت حتى بعد توقف العمليات العسكرية، حيث يقول أحد المراقبين الميدانيين: “في غزة، لم تعد الدمية رمزاً للطفولة، بل احتمالاً للموت، الطفل هنا يتعلم أن يهرب من اللعب، لا أن يفرح بها”.
ومع استمرار غياب المساءلة الدولية، تبقى الطفولة في غزة تمشي على حافة الخطر، فكل لعبة مهجورة قد تخفي لغماً، وكل لحظة فرح قد تنقلب إلى مشهد مأساوي، ما يجعل أطفال غزة ضحايا دائمين لحربٍ إسرائيلية قذرة لا تميز بين دمية وعبوة ناسفة.