لندن-سانا
وصفت صحيفة الغارديان البريطانية عمليات انتشال ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها “المهمة الأصعب في تاريخ الحروب الحديثة”، مشيرة إلى أن فرق الدفاع المدني الفلسطيني تعمل بأدوات يدوية بسيطة وسط دمار هائل، ومنع الاحتلال إدخال المعدات الثقيلة وصعوبات كبيرة في انتشال الجثث والتعرف على أصحابها.
وقالت الصحيفة: إن الفلسطينيين بدؤوا الحفر بين نحو 61 مليون طن من الأنقاض، أي ما يعادل عشرين ضعفاً لمجموع الركام الناتج عن جميع الحروب منذ عام 2008، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص ما زالوا مدفونين تحت الردم، وأن هذا العدد قد يرتفع إلى 14 ألفاً وفق تقديرات بعض الخبراء.
وأوضحت الغارديان أن فرق الإنقاذ في غزة تستخدم المجارف والمعاول والعربات اليدوية والمناجل وحتى الأيدي، في غياب تام للمعدات الثقيلة، مبينةً أن الدفاع المدني الفلسطيني طلب مراراً من إسرائيل السماح بإدخال الحفارات والجرافات دون أن يتلقى أي رد.
ونقلت الصحيفة عن مدير الدعم الإنساني في الدفاع المدني الفلسطيني محمد المغيّر قوله: “لقد شاهد العالم كله المعدات التي جُلبت لانتشال جثث الرهائن الإسرائيليين، بما في ذلك الجرافات والحفارات، ونحن أيضاً بحاجة إلى المعدات نفسها لانتشال جثثنا”.
ولفت إلى أن انتشال الجثث سيستغرق نحو تسعة أشهر حتى في حال إدخال المعدات فوراً، وأن الجهود الحالية تقتصر على المنازل الصغيرة والمباني المكونة من طابق أو طابقين، إذ يستطيع المنقذون الوصول إلى الجثث باستخدام الأدوات البدائية المتاحة، بينما تبقى الأبراج العالية مدفونة بالكامل.
وأشارت الغارديان، إلى أنه منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من الشهر الماضي تم انتشال نحو 500 جثمان ونقلها إلى المشارح، إضافة إلى 195 جثمان أعادتها إسرائيل، بينما لا تزال عشرات الجثامين مجهولة الهوية نتيجة تحللها أو نقص معدات تحليل الحمض النووي.
ولفتت الصحيفة إلى الأثر النفسي الهائل على ذوي المفقودين الذين يعيشون ما يسميه علماء النفس “الفقدان الغامض”، في ظل اصطفاف مئات العائلات يومياً أمام المستشفيات ومراكز الدفاع المدني بحثاً عن أقاربهم.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمميين أن إزالة الركام في غزة ستستغرق 7 سنوات على الأقل باستخدام 105 شاحنات تعمل يومياً، محذرين من الأخطار الناتجة عن الذخائر غير المنفجرة والمواد السامة المنتشرة بين الأنقاض.
واختتمت الغارديان بالتأكيد على أن أي أمل في عملية شاملة لإزالة الركام أو لعودة الحياة الطبيعية في غزة يتلاشى مع استمرار الضربات الإسرائيلية، حيث لم يعد السؤال “ما الذي قد يسقط بعد، بل ما الذي يمكن أن يقف من جديد”.