واشنطن-سانا
بعد مضي شهر كامل على ثاني أطول إغلاق في الولايات المتحدة، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمهوريين في الكونغرس، اليوم، إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة تتمثّل في إلغاء عملية التعطيل الشرعي المعروفة باسم “فيليبستر”، وتفعيل ما سماه “الخيار النووي”، لكسر الجمود في الكونغرس وتمكين الأغلبية الجمهورية من إنهاء الإغلاق.
الرئيس الأمريكي وفي منشور على منصته الخاصة “تروث سوشال”، طالب الجمهوريين بأن “يلعبوا ورقة ترامب ويتوجهوا للخيار النووي”، في إشارة منه إلى اتخاذ خطوة عارضها الجمهوريون حتى الآن وهي إلغاء “فيليبستر”.
وآلية التعطيل “فيليبستر” في مجلس الشيوخ، تؤخر أو تمنع التصويت على التشريعات بإبقاء النقاش مفتوحاً، ويحتاج المجلس لتجاوزها عادةً إلى أغلبية ثلاثة أخماس الأعضاء — أي 60 من أصل 100 — لتمرير معظم القوانين.
اتهامات للديمقراطيين بإطالة أمد الإغلاق
نائب الرئيس الأمريكي جي دى فانس اتهم الحزب الديمقراطي بمسؤولية استمرار الإغلاق الحكومي، مطالباً بضرورة إنهائه قبل مناقشة أي مطالب تتعلق بمشروع قانون التمويل.
وحذّر فانس من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى كارثة في قطاع النقل الجوي ويؤثّر على الأمن القومي، معتبراً أن الديمقراطيين يحاولون جعل الإغلاق مؤلماً للشعب الأمريكي لتحقيق مكاسب سياسية.
وكانت أوقفت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) الرحلات في مطاري رونالد ريغان الوطني بالعاصمة واشنطن، ودالاس فورت وورث الدولي أمس، بسبب نقص عدد موظفي مراقبة الحركة الجوية، تزامناً مع دخول الإغلاق الحكومي يومه الثلاثين.
التداعيات الاقتصادية وتحذيرات متصاعدة
وفي الوقت الذي أكدّ فيه نائب الرئيس الأمريكي، أن الوضع الراهن يضر بمصالح الأمريكيين ويشل قطاعات حيوية في الولايات المتحدة، حذّر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بينست من أن استمرار أزمة الإغلاق سيؤثر على ثقة الأسواق، وأن حالة عدم اليقين السياسي قد تمتد إلى القطاعات المالية والتكنولوجية، وربما تنعكس على معنويات المستثمرين في سوق العملات المشفرة.
بينست أوضح أن الإغلاق، الذي تسبب بتعطيل عدد من المؤسسات الفيدرالية والخدمات العامة، قد ينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي في البلاد، وخصوصاً مع تأثر قطاعات رئيسية مثل النقل، والخدمات اللوجستية، والتوريد، إضافة إلى تباطؤ بعض الاستثمارات الحكومية الحيوية.
تحذيرات الكونغرس
تقرير صدر أمس عن مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي، حذّر من أن الاقتصاد في الولايات المتحدة قد يخسر ما يصل إلى 14 مليار دولار بسبب تعليق تمويل عمل الحكومة الفيدرالية.
وكشف التقرير أن حوالي 650 ألف موظف حكومي تم إرسالهم في إجازات غير مدفوعة الأجر، بينما اضطر 600 ألف آخرون للاستمرار في العمل دون تلقي رواتبهم.
أما تقديرات المحللين فتشير إلى أن الخسائر الاقتصادية ستتفاوت حسب طول مدة الإغلاق، وقد تصل إلى 7 مليارات دولار في حال استمر الإغلاق للأسبوع الخامس خلال الأيام القليلة المقبلة، أما في حال امتداده لستة أسابيع، فقد يخسر الناتج المحلي الإجمالي 12 مليار دولار.
تراجع في معدلات النمو
ومن التداعيات المتوقعة لأطول إغلاق حكومي تشهده الولايات المتحدة، تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الأخير من السنة، حيث يتوقع محللون انخفاضاً يتراوح بين 1 و2 بالمئة، وذلك اعتماداً على المدة النهائية للإغلاق.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الخلاف السياسي الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول بنود الإنفاق العام، حيث صوّت الديمقراطيون في مجلس الشيوخ في الأول من تشرين الأول الجاري ضد المضي قدماً بمشروع قانون حكومي يمدّد تمويل الوكالات الفيدرالية، وطالبوا الجمهوريين بالتراجع عن التخفيضات الكبيرة المخططة لبرنامج الرعاية الصحية.
حالة الجمود في يومها 31
وقد دخلت حالة الجمود هذه بين الجمهوريين والديمقراطيين يومها الحادي والثلاثين، لتقترب بسرعة من كونها أطول أزمة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، بعد فترة الانقطاع الفيدرالي التي استمرت 35 يوماً في عام 2019 خلال إدارة ترامب الأولى.