القدس المحتلة-سانا
في موسم الزيتون الذي يُعد من أبرز رموز الهوية الفلسطينية وركيزة من ركائز الاقتصاد الفلسطيني، تتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية لتتحول إلى أداة ضغط ممنهجة تهدف إلى تقويض صمود الفلسطينيين في أرضهم، وسط تحذيرات دولية من تداعيات هذه الممارسات على مستقبل القضية الفلسطينية وحقوق الإنسان في المنطقة.
في فلسطين، لا يُعد قطاف الزيتون مجرد نشاط زراعي، بل طقس وطني وروحي يعكس ارتباط الإنسان بأرضه وتاريخه، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يحوّل هذا الموسم إلى ساحة انتهاكات متكررة، حيث تصاعدت اعتداءات المستوطنين على كروم الزيتون في الضفة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، وشهدت اقتلاع مئات الأشجار وسرقة المحاصيل تحت حماية قوات الاحتلال، إلى جانب منع عشرات المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
غزة… الزيتون بين الحصار والقصف
في قطاع غزة، يواجه المزارعون تحديات مضاعفة، إذ تضاف جرائم القصف والتجويع إلى الحصار المستمر منذ أكثر من 17 عاماً، وقد تحولت العديد من الأراضي الزراعية إلى مناطق محروقة بفعل القصف الإسرائيلي، فيما تراجعت المساحات المزروعة بالزيتون بشكل ملحوظ.
ووفق وزارة الزراعة في غزة، يُعد الموسم الحالي الأصعب منذ عقد، نتيجة الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية للري والأراضي الزراعية خلال الحرب الأخيرة التي استمرت نحو عامين.
ترى منظمات حقوقية دولية أن الاعتداءات على موسم الزيتون ليست حوادث عشوائية، بل جزء من سياسة إسرائيلية تهدف إلى فصل الفلسطينيين عن أرضهم وتوسيع الاستيطان عبر مخططات الضم الزاحف، وفي تقريرها الأخير، حذرت الأمم المتحدة من أن استهداف المزارعين خلال موسم الزيتون يُعد انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني، داعيةً إلى تحرك دولي عاجل لحماية الفلسطينيين ووقف التوسع الاستيطاني.
الزيتون… رمز للصمود الشعبي
ورغم الانتهاكات، يواصل الفلسطينيون قطاف الزيتون كفعل مقاومة يومي، في القرى والبلدات، تتعاون الأسر على جمع الثمار، ويشارك الأطفال والنساء متحدين الخوف والاعتداءات، تقول أم رامي من قرية دير بلوط: “يقتلعون الشجر، لكنهم لا يستطيعون اقتلاع حبّنا له، الزيتون يعطينا القوة لنصمد”.
في ظل هذا الواقع، تتجدد الدعوات العربية والدولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المزارعين الفلسطينيين، والتنديد بمحاولات ضم الأراضي وتوسيع المستوطنات، ويبقى موسم الزيتون، رغم التحديات، شاهداً حياً على تمسك الفلسطينيين بأرضهم وهويتهم، ورسالة تقول إن جذور الحق أعمق من جرافات الاحتلال، وإن كل زيتونة تُقطف اليوم تُزرع في ذاكرة أمة لا تُهزم.