القدس المحتلة -سانا
في قطاع غزة المحاصر، لم تعد الكتب والدفاتر مجرد أدوات تعليمية، بل تحولت إلى رموز للمقاومة في وجه حرب إبادة إسرائيلية استهدفت الحاضر والمستقبل معاً. وبين الخيام والأنقاض، يحاول أطفال غزة استعادة أبسط حقوقهم، مقعد وكتاب ونافذة تطل على الغد. فالتعليم لم يعد رفاهية، بل ضرورة لإنقاذ جيل بأكمله.
بعد أكثر من عامين من الدمار والنزوح، بات مئات الآلاف من أطفال غزة خارج مقاعد الدراسة، فيما تكافح وكالة “الأونروا” لإبقاء جذوة التعليم حيّة عبر برامج بديلة ودروس عن بعد، وسط ما وصفته الأمم المتحدة بـ”كارثة تربوية غير مسبوقة”.
هذا الانقطاع الطويل لا يهدد فقط الحق في التعليم، بل يفتح الباب أمام ضياع جيل كامل، ما لم يُمنح التعليم الأولوية القصوى في جهود إعادة الإعمار.
التعليم شريان الحياة في زمن الحرب
أكدت وكالة “الأونروا” أن التعليم يمثل شريان الحياة لأطفال غزة الذين لم يعرفوا سوى الحرب والنزوح، مشددة على أن استعادة العملية التعليمية ضرورة ملحة لإعادة الأطفال إلى التعلم واللعب والحلم من جديد.
وأوضحت الوكالة أن أكثر من 660 ألف طفل في غزة محرومون من التعليم منذ أكثر من عامين، مشيرة إلى أن أمنية هؤلاء الأطفال لا تتجاوز العودة إلى صفوفهم الدراسية، حتى وإن كانت مجرد خيمة.
اتفاق شرم الشيخ يفتح نافذة أمل
جاء هذا التصريح عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ في الثالث عشر من الشهر الجاري، والذي أتاح هدنة نسبية للجهات التعليمية المحلية والدولية لإعادة النظر في خطط العودة إلى المدارس وإطلاق برامج دعم عاجلة للأطفال.
من جانبها، شددت منظمة “اليونيسف” على أن استئناف التعليم هو حجر الزاوية في تعافي الأطفال من الصدمات النفسية، داعية إلى حماية عاجلة للمدارس والمعلمين، وضمان تمويل مستدام لبرامج التعليم كجزء من أي عملية لإعادة الإعمار.
مدارس مدمّرة وملاجئ للنازحين
أسفرت عمليات القصف الإسرائيلي لقطاع غزة عن تدمير مئات المدارس والمرافق التعليمية، فيما تحولت عشرات المدارس الأخرى إلى ملاجئ للنازحين، ما يعرقل استئناف التعليم حتى في حدوده الدنيا.
ويواصل المعلمون جهودهم في ظروف مأساوية، بينما تحتاج البرامج البديلة إلى تمويل إضافي لتغطية كافة الأطفال، وسط مخاوف من خرق الهدنة وعودة القصف في عدة مناطق.
تحذيرات من “إبادة تعليمية”
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو 60% من مدارس القطاع خرجت عن الخدمة، فيما حذّر خبراء حقوق الإنسان من ظاهرة “الإبادة التعليمية”، نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمرافق التربوية، مؤكدين أن تدمير المدارس يمسّ حق الأطفال في الحياة والكرامة.
أوجد اتفاق وقف إطلاق النار فرصة لإعادة فتح المدارس تدريجياً، بعد تأهيل البنية التحتية وتنشيط برامج التعليم البديل والدعم النفسي للأطفال. وأكد المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، أن وقف إطلاق النار يمنح “فرصة ذهبية” لإعادة الأطفال إلى مدارسهم، لكنه شدد على ضرورة ضمان أن تكون العودة آمنة ومستدامة.
وفي السياق، أشار رئيس لجنة التعليم في غزة، سامي القيشاوي، إلى أن وقف إطلاق النار ليس نهاية الطريق، لكنه يوفر مساحة لتخطيط العودة التدريجية إلى التعليم، مع دعم نفسي واجتماعي مستمر للأطفال.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الاول 2023، قُتل أكثر من 20 ألف طفل ودُمرت نحو 75% من المدارس والجامعات في القطاع، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في النظام التعليمي