حماة-سانا
لم تكن عودة المواطن فهد عبد المجيد خطاب إلى بلدته بعد أربعة عشر عاماً من التهجير عودةً عادية، إذ نصب خيمته فوق أنقاض منزله المدمّر، ليعلن أن الكرامة أغلى من الجدران، وأن الانتصار الحقيقي هو العودة إلى الأرض مهما كانت الظروف، فرغم سنوات الغياب القاسية، عاد ابن بلدة خطاب في ريف حماة الشمالي مفعماً بالسعادة لأنه رجع إليها منتصراً بعد زوال حقبة القصف والتهجير.

يروي خطاب حكايته لمراسل سانا، موضحاً أنه اضطر لمغادرة بلدته تحت القصف المكثف، وكان حينها شاباً متزوجاً وأباً لأربعة أطفال، ومع أن الحياة قادته إلى مخيمات الشمال، ظل الحنين إلى مسقط رأسه يرافقه، مؤمناً أنه سيعود يوماً ليعيش بحرية واستقرار.
ويضيف: إنه تنقّل بين المخيمات لسنوات طويلة، وخلالها كبرت عائلته حتى بلغ عدد أبنائه ثمانية عشر طفلاً، عاشوا جميعاً حياة مليئة بالصعوبات، لكنهم لم ينسوا أرضهم ولا حلم العودة إليها والعمل فيها، وهو ما تحقق أخيراً في مثل هذه الأيام من العام الماضي.
ويشير خطاب إلى أن قرار العودة لم يكن قابلاً للنقاش أو التأجيل، فالارتباط بالبلدة وأيام الطفولة ظلّ حياً في وجدانه، لتكون العودة سريعة ومفعمة بالفرح والدموع، ويقول: “حين وصلت إلى منزلي ورأيته مدمراً، شعرت بالحزن، لكنني رفضت الاستسلام لليأس، فقررت أن أنصب خيمة فوق الركام تتسع لأطفالي الثمانية عشر، لنعيش فيها بحرية وكرامة”.
ويرى خطاب أن مجرد العودة إلى بلدته والسكن فيها، ولو في خيمة، هو انتصار بحد ذاته وإعلان لبداية حياة جديدة خالية من الظلم والاضطهاد، مؤكداً أن العودة أغلى من البيت، والكرامة أهم من الجدران.
وتجسد قصة فهد خطاب معاناة آلاف السوريين الذين هجّرهم النظام البائد، وظلوا يحلمون بالعودة المشرفة إلى منازلهم، حتى تحقق ذلك في يوم تاريخي لن ينساه السوريون أبداً، هو الثامن من كانون الأول عام 2024.