حمص-سانا
معاناة أهالي مدينة القصير في حمص الذين ذاقوا مرارة التهجير الممنهج والتدمير المتعمد من قبل النظام البائد خلال 14 عاماً، لم تنته حتى بعد عودتهم إلى مدينتهم، إذ وجدوا أنفسهم أمام واقع يُشبه حال المخيمات التي هجروا إليها سابقاً، بعد تحول أغلبية المنازل إلى ركام، ليضطر العديد منهم إلى نصب الخيام لتأمين مأوى لهم.

معاناة الأهالي في المدينة لا تقتصر على غياب المأوى اللائق، بل تمتد لتشمل نقصاً حاداً في الخدمات الأساسية كالمياه، وشبكة الصرف الصحي، والتعليم، والرعاية الصحية، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية
للتخفيف من هذه المعاناة، وخاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
محمد العوض، أحد سكان مدينة القصير، تحدث عن محنته بعد عودته إلى مدينته إثر تهجير دام 14 عاماً، وقال: إنه وجد منزله مدمراً تماماً فاضطر إلى نصب خيمته فوق الأنقاض، إلا أن انتشار القوارض والحشرات يهدد صحة وسلامة أسرته، داعياً الجهات المعنية والمنظمات إلى تقديم الدعم لترميم المنازل.

بدوره، أكد الحاج أحمد العوض أن التهجير القسري لأهالي المدينة عام 2013 كان نتيجة سياسات النظام البائد الذي أخرج السكان من منازلهم متعمداً تدميرها، وبعد التحرير، عاد الأهالي ليواجهوا وضعاً صعباً مع تحول منازل المدينة إلى ركام، وناشد الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية لتوفير المساعدة في إعادة بناء المنازل والمرافق الأساسية.
إلى ذلك أشار رئيس مجلس إدارة مؤسسة النهضة للتنمية، محمد رعد إلى أنه تم تقييم احتياجات المدينة بعد تحريرها، ليتضح أن حجم التحديات يفوق الوصف، نتيجة دمار بلغ حوالي 85 بالمئة من المرافق التعليمية والصحية وحتى المنازل، وقال: “إن التمويل المحدود يصعّب تغطية الاحتياجات الأساسية للأهالي، إلا أن المؤسسة تعمل بأقصى جهودها لدعم القطاعات الحيوية كالصحّة والتعليم”.

من جانبه رئيس مجلس مدينة القصير، طارق حصوة، لفت إلى أن النظام البائد هجّر أغلبية سكان المدينة بشكل ممنهج، متعمداً تدمير البنية التحتية والمنازل وبعد التحرير أصبحت المدينة تضم نحو 7100 أسرة بين السكان الحاليين والعائدين من رحلات اللجوء الداخلية والخارجية، منهم حوالي 4000 عادوا مؤخراً، مبيناً أن جهود إعادة الإعمار لا تزال خجولة إذ لم تتجاوز المساعدات ترميم 100 منزل.
وأوضح حصوة أن تحديات كبيرة تواجه إعادة الإعمار في المدينة نظراً للدمار الهائل، وخاصة في مجالات الصرف الصحي والمياه، وأكد أن هناك جهوداً حثيثة بالتعاون مع المنظمات والجهات الحكومية لدراسة مشاريع النهوض بالخدمات الأساسية وإزالة الركام لتسهيل عودة الأهالي المهجّرين الذين ينتظرون حلولاً مستدامة تعيد لهم حياتهم الكريمة.



