عواصم-سانا
مع اقتراب عام 2025 من نهايته، وهو العام الذي اتسم بكثرة التعريفات الجمركية والتبدلات الاقتصادية العميقة، تتزايد التساؤلات حول مستقبل الاقتصاد العالمي في 2026.
وتشير توقعات مؤسسات دولية كبرى مثل صندوق النقد الدولي (IMF) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلى استمرار التحديات الثقيلة والمخاطر خلال العام المقبل، في ظل تصاعد الخلافات والتوترات الإقليمية والدولية، وغياب مؤشرات جدية على انفراج قريب، ما ينعكس مباشرة على أداء الاقتصاد العالمي.
نمو غير متوازن
يتوقع التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً غير متوازن لا يتجاوز 3.1 %، وهو معدل أدنى من المطلوب لدعم فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة، إذ تعاني الأسواق الناشئة والدول النامية من أداء متذبذب وغير مستقر، في حين تواجه الاقتصادات المتقدمة ضغوطاً ناجمة عن تباطؤ الطلب المحلي وارتفاع تكاليف الاقتراض.
هشاشة الاقتصاد العالمي
ويتفق كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على وصف الوضع الاقتصادي العالمي بـ”الهش”، مع استمرار حالة عدم اليقين وتباين الأداء بين الاقتصادات الكبرى، وتشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن النمو العالمي قد يتراجع إلى 2.9 % في 2026.
تداعيات التوترات الدولية
وقد أدت الخلافات الدبلوماسية والتجارية بين القوى الكبرى إلى إحداث اضطرابات واضحة في مسار النمو العالمي، فقد تسبب نظام التعريفات الجمركية الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيسان الماضي بارتباك الأسواق وتغيير أنماط سلاسل التوريد.
كما شهدت معظم دول العالم معدلات تضخم مرتفعة، بما فيها الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، نتيجة هذه الرسوم وما رافقها من توترات بين الحلفاء مثل الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة إلى تصاعد حدة المواجهة مع الصين.
تحالفات جديدة وتحديات ناشئة
ودفعت الاضطرابات في سلاسل التوريد خلال عام 2025 العديد من الدول إلى تشكيل تحالفات جديدة للتخفيف من آثار التوترات الاقتصادية، فيما تتسع أصداء طفرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مع توقعات بنمو هذا القطاع في 2026، رغم المخاوف من تضخم تقييمات شركات التكنولوجيا الأمريكية، واحتمال تحوّل هذه الطفرة إلى فقاعة قد تنفجر لاحقاً وتؤدي إلى هزات في الأسواق.
النزاعات السياسية وتأثيرها
يبقى أثر النزاعات السياسية حاضراً بقوة في المشهد الاقتصادي العالمي، فقد كشفت دراسة حديثة لشركة “باور إنترناشيونال” الألمانية المتخصصة بالبيانات الجغرافية عن تسجيل 1450 نزاعاً سياسياً مستمراً بمستويات مختلفة بين كانون الثاني وأيلول الماضيين، وهو رقم غير مسبوق، موضحةً أن تداعيات هذه النزاعات لا تقتصر على ساحات القتال، بل تمتد إلى الدبلوماسية والأسواق والاقتصاد والأمن.
في ظل هذه الظروف المعقدة، يسود الترقب المشهد الاقتصادي العالمي مع دخول 2026، وسط ضبابية غير مسبوقة وآمال بأن يسهم إنهاء بعض النزاعات الدولية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية والخلافات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، في تخفيف الأعباء عن الاقتصاد العالمي وإعادة بعض الاستقرار إلى الأسواق.