دمشق-سانا
ألقى الكاتب والباحث السوري محمد علي النجار محاضرةً بعنوان “الطريق إلى سوريا، كيف نصلح ما أفسده آل الأسد”، في المركز الثقافي العربي في حي المزة بدمشق.

وخلال لمحة تاريخية عن نشوء الدولة السورية، لفت النجار إلى أن النشأة الأولى للشخصية السورية وتبلورها بدأ كفكرة قومية أواخر الدولة العثمانية، حين أُعلن فيصل ملكاً على سوريا في الـ 8 من آذار 1920، لتصبح أول دولة مستقلة في بلاد الشام، ولكن لم يكتب لها الاستمرار بعد سيطرة الانتداب الفرنسي على سوريا، حيث انطلقت بعدها أولى شرارات الكفاح لتحقيق الاستقلال.
وفي معرض الحديث عن مراحل الحكم الوطني بعد الجلاء، اعتبر النجار أن الحكومات السورية قبيل استيلاء حزب البعث على السلطة ارتكبت خطأ كبيراً بالدخول بخلافات مناطقية أهملت الأرياف بدل تنمية سوريا، وهو ما استغله البعث فضلاً عن سعيه لبث النعرات داخل المجتمع السوري.
الأمراض التي زرعها آل الأسد في بنية المجتمع السوري
وصول حافظ الأسد إلى السلطة تزامن مع محاولات تفكيك المجتمع السوري وفق ما شرحه النجار، ففي المجال السياسي تحولت الدولة السورية لتصبح (سوريا الأسد)، وهو أيضاً ما اختُزل خلال الثورة السورية في شعار (الأسد أو نحرق البلد)، وبات الوطن مزرعة لهذه الأسرة ومن يعمل معها.

وأكد الباحث أن الإنسان السوري بدأ بسبب هذه السياسة يفقد انتماءه الحقيقي الصادق للوطن، وحتى الطبيب والباحث المغترب يأتي كالغريب إلى بلده، وتم نشر الفساد في كل المؤسسات بما فيها المؤسسة العسكرية والأمنية، ما أدى لتخريب مفردات مفهوم الدولة.
مأسسة الفساد أسلوب عمل النظام البائد
وأشار النجار إلى أن النظام البائد أجبر السوريين عموماً على الدخول بمنظومة الفساد من أجل كسب العيش، فيما ترك أشخاصاً شرفاء معدودين على الأصابع كواجهة لمفهوم الدولة التي سعى للتلطي وراءها، مضيفاً: إن من الأمراض الاجتماعية، تعزيز الإقليمية والطبقية الاجتماعية واختلال التربية والأخلاق والأفكار.
ولفت النجار إلى أن النظام البائد استغل موضوع العقوبات الاقتصادية لإغلاق الدولة خارجياً وإحكام سيطرته عليها، كما قام بتوزيع قطاعات الاقتصاد المختلفة على مريديه ومنتفعيه.
ويقف السوريون اليوم وهم يواجهون تحديات البناء، بحسب النجار، أمام مقاربات سياسية متباينة، وتجربتان داخليتان، هما الدولة قبل الانتداب، والدولة قبل الوحدة مع مصر، والتي يمكن البناء عليها لإعادة الإعمار، مع إزالة كل الرواسب والخلافات التي زرعها النظام البائد.
ورأى النجار أن التجربة السورية بمفهومها الواضح للدولة السورية المستقلة هو الأنسب لسوريا الجديدة الآن، دون استيراد أي تجارب من دول أخرى، مع الاستنارة بما يتعلق بموضوع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لتوازنها الضروري بالمجتمع، عبر مسارين متلازمين بالضرورة وهما: بناء الدولة وإصلاح المجتمع.

وطالب النجار وزارات التربية والتعليم والإعلام والثقافة والأوقاف، ومنظمات المجتمع الأهلي بأداء دورها الفعّال ببناء المجتمع السوري، مؤكداً أن تشخيص هذه الأمراض يهدف لدراستها وتحليلها وعلاجها ووضع خطط لتنفيذها وتحرير الإنسان السوري، وإعادة بناء سوريا على أساس العيش الكريم لجميع أبنائها.
يُشار إلى أن النجار من مواليد مدينة مارع بريف حلب، تخرج في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر عام 2010، وحصل على ماجستير أصول الدين، واعتُقل بين عامي 2012 و 2014 من قبل أجهزة أمن النظام البائد، وتحرر بعملية تبادل أسرى، ثم شغل منصب مدير أكاديمية رؤيا للفكر بمدينة أسطنبول لثلاث سنوات، وأسس لاحقاً مؤسسة خاصة به وهي “مركز الثقافة العربية”.