الشريط الإخباري

التطعيم بالصدف البحري .. حرفة يدوية قديمة مرتبطة ببيئة وتراث اللاذقية

اللاذقية – سانا

يعتبر هاني ترك  أحد أقدم الحرفيين الذين امتهنوا حرفة تطعيم الخشب بالصدف البحري  في اللاذقية والتي تعد من أقدم الصناعات اليدوية التراثية في المحافظة نظرا لكونها تعتمد على مواد طبيعية مرتبطة بالبيئة البحرية كما تتطلب حسا فنيا يرتكز على ما طبع في ضمائر ووجدان أبناء هذه البيئة الذين يحملون موروثا ثقافيا عريقا أبدعوا بتجسيده حرفيا وفنيا.

عشرات السنين من الخبرة والانتاج استطاع خلالها ترك الذي تجاوز عمره السبعين عاما أن يصنع اسمه الخاص كأحد شيوخ الكار في اللاذقية ويؤكد ترك  لنشرة سانا سياحة ومجتمع أن عددا كبيرا من حرفيي هذه المهنة تتلمذوا على يديه لافتا الى انه يشارك في المعارض والاسواق المهنية منذ أكثر من 35 سنة وكانت محافظة حماة منطلقا لتسويق منتجاته التي تلقى رواجا كبيرا في محافظات الداخل السوري.

ويقول:  تعتمد حرفة تطعيم الخشب بالصدف البحري على ذوق الفنان بالدرجة الأولى والدراية بكيفية وضع الصدف في مكانه المناسب حسب شكله وحجمه ,منوها الى انه يستخدم الخشب كمادة أولية لما يتميز به من مقاومة عوامل الزمن.

واضاف الحرفي ترك انه يحصل على الصدف من الشواطئ المحلية حيث يشتريه من الصيادين بسعر 150 ليرة للكيلو الواحد وذلك في أوقات تكون عند هبوب الهواء “القبلي”  كما يسمى بالعامية ليجرف الصدف مع الموج الى الشواطئ.

وتختلف أنواع الصدف المناسب لتزيين الخشبيات والأدوات المنزلية والتي يعتبر أفضلها صدف الضفر وصدف الكيكون والشوكو لكن الحرفي ترك  يشير الى ان صدف الضفر هو النوع الاساس للعمل لكونه قادرا على ملء الفراغات في القطعة بشكل جيد يرضي تصور الحرفي.

ويقول “نحصل على صدف الضفر من شواطئ الرمل الجنوبي أما أصداف الكيكون والمضلع وباقي الانواع فتأتي من منطقة أفاميا” لافتا الى أن متعة العمل الحقيقية بالنسبة له تكون بصناعة صناديق الخشب بأحجامها المتنوعة ليطعمها بالصدف الملصق بواسطة الغراء الذي يعطي لونا شفافا لامعا للصدف على عكس السيليكون الذي يطبع المكونات بلون أصفر باهت.

031وتتعدد منتجات الحرفي ترك بين مشغولات خشبية لتزيين الجدران و اكسسوارات مخصصة لتزيين المنازل موضحا أن عملية تحضير الصدف للتزيين تمر بعدة مراحل للتخلص من رائحة  “زنخ البحر” وهي مرحلة الغسيل بمادة الكلور ومرحلة الغلي مع المنظفات ثم يعرض للشمس ليجف بشكل تام ويصبح جاهزا للاستعمال بعد ذلك يتم فرز الصدف حسب نوعه وحجمه وملائمته للخشبيات المصممة للعمل.

الحفاظ على الحرفة والخوف عليها من الاندثار لا يؤرق الحرفي ترك الذي أكد أن هذه الصناعة مرتبطة بتراث المحافظة كارتباط اللاذقية بالبحر.

ويضيف : “تعتبر اللاذقية المصدر الأول للمشغولات المطعمة بالصدف البحري الى عموم مناطق الساحل السوري وما زالت تأتيني الطلبيات لتنفيذها في ورشتي الخاصة كان آخرها مجموعة من السلل المنزلية المطعمة بأشكال معينة وأتابع حتى الآن الاشراف على تدريب الحرفيين الراغبين بتعلم هذه الصنعة رغم انخفاض عددهم وتوجه الشباب لتعلم حرف ترتبط بالحاسوب والتكنولوجيا الحديثة”.

كذلك بين الحرفي  ترك أن تحديد أسعار المشغولات مرتبط بالوقت والجهد المبذول لإنجازها اضافة الى حجم القطعة ومدى اشباعها بالصدف لكنها تبقى بحدود المعقول وملائمة لدخل المواطنين على اختلاف شرائحهم .

ويذكر ترك انه يحترف ايضا الرسم الهندسي والعجمي الى جانب العمل بالصدف الذي يعتبره بمثابة الهواية المحببة له والتي أصبحت كما يقول جزءا من حياته لكونها تعبر عن تراث وأصالة أبناء الساحل السوري.