الشريط الإخباري

فرنسا المأزومة .. ! بقلم: د.تركي صقر

عاشت فرنسا ستة أيام بكاملها على وقع اضطرابات داخلية لم يسبق لها مثيل في تاريخها المعاصر، ولقد تم ذلك على خلفية مقتل الشاب نائل المرزوقي عمداً وهو من أصول جزائرية على يد شرطي مرور فرنسي بدوافع عنصرية، وأدى ذلك إلى استنفار حكومة ماكرون وأكثر من 45 ألف شرطي في باريس وحدها، ومع هذا لا تزال الأوضاع متفجرة ومفتوحة على المجهول.

وهذه الاضطرابات الحالية جاءت في أعقاب مظاهرات هزّت فرنسا بشأن قانون التقاعد الجديد الذي رفضته النقابات والأحزاب الفرنسية، وزاد عدد المعتقلين في خضم هذه الأحداث على الثلاثة آلاف، كما أصيب العشرات من أفراد الشرطة وتعرض المئات من المنازل للنهب والسلب وآلاف السيارات للحرق وانتشرت حرائق بالمئات في المدن والضواحي، ووقفت الحكومة الفرنسية عاجزة أمام أعمال العنف الواسعة التي شملت أيضاً الهجوم على منزل أحد رؤساء البلديات في ضواحي باريس.

ومما لا شك فيه أن ما يجري في فرنسا هو نتيجة للسياسات الخاطئة والعنصرية التي تتبعها الحكومات الفرنسية وخاصة حكومة ماكرون ذات النهج الاستعماري الفوقي، وفي الوقت ذاته التبعية والذيلية المطلقة للبيت الأبيض، وهذه السياسة جلبت لفرنسا والفرنسيين الكوارث والأزمات وجعلتها عاجزة عن أي حلّ لمشكلات البطالة والتضخم أو تقليص أعداد العاطلين عن العمل والمهمشين ممن يسكنون في الضواحي ولا يجدون عملاً لهم.

ربما لم يمر على فرنسا حكومة فاشلة كما هي حكومة ماكرون التي عجزت أمام التحديات التي تواجهها، فانفجرت المظاهرات وشملت الاحتجاجات كل المدن الفرنسية وتعالت الأصوات المطالبة بسقوط الحكومة، وإذا لم تستجب حكومة ماكرون لمطالب المحتجين فإن الأزمة مستمرة وتتصاعد ولا يحلها مزيد من أعداد الشرطة الذين نزلوا إلى الشوارع بكثافة لمواجهة المظاهرات المتزايدة.

وإذا ما سقطت حكومة ماكرون فهذا سيؤثر على الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي ككل، ففرنسا هي الدولة الأوروبية الأكبر في هذا الاتحاد، وتشكل مع ألمانيا مركز الثقل في أوروبا سياسياً واقتصادياً، لذلك لا غرابة في أن يترقب الجميع مصير الأحداث الجارية في فرنسا كما عبّر عن ذلك المستشار الألماني شولتز، وما لم يقم ماكرون بالتوجه الصحيح لتلبية المطالب المطروحة من قبل المتظاهرين والمحتجين، فلن تتوقف الاحتجاجات حتى الإطاحة بماكرون وحكومته.