الشريط الإخباري

المسرحي المهند حيدر: المجتمعات تبني نفسها وتداوي شروخها بالثقافة

دمشق-سانا

يأتي عرض حدث في يوم المسرح العالمي للمخرج المسرحي المهند حيدر والذي انتهى عرضه مؤخرا ليقدم رؤية جديدة للمسرح التجريبي من خلال الاعتماد على بنائية النص بعيدا عن مفهوم الإبهار كسمة من سمات هذا النوع المسرحي.

وعن رؤيته للمسرح التجريبي يقول المخرج حيدر في حديث لسانا.. عرض حدث في يوم المسرح ثاني عمل إخراجي لي بعد العرض المسرحي الفيل يا ملك الزمان الذي أخرجته في فرنسا عام 2005 باللغة الفرنسية وبالتأكيد فإن لهذه التجربة خصوصيتها النابعة من أسلوبية بناء العرض عبر الابتعاد عن فكرة أن عروض المسرح التجريبي قائمة على الإبهار البصري والسمعي.

ويتابع: إن المسرح التجريبي يقوم على إقامة علاقات تواصل وتلاق جديدة بين الخشبة والجمهور ومن هنا كانت بداية العمل في هذه التجربة والعرض حيث اعتمدت طريقة إعادة بناء النص على الخشبة على الارتجال المدروس في البروفات بعد تفكيك النص الأصلي إلى أفكار أولية وربطها مع ما نود طرحه.

وعن اختياره لنص قديم للكاتب وليد إخلاصي وإعادة بنائه ليواكب الواقع الراهن يقول حيدر..ان اختيار هذا النص جاء لقدرته على تقديم فضاء واسع من الدلالات وإعادة بنائه ليغدو معاصراً مبينا أن العملية الدراماتورجية التي خضع لها النص الاصلي لم تسمح بالاحتفاظ بأكثر من خمسة بالمئة منه.

ويضيف: إن إعادة البناء هذه لم تأت انقاصا من قيمة نص الكاتب وليد إخلاصي أبداً بل قمنا بخلق عرضنا الخاص على أساس النص القديم وبالتالي فهو يرتكز عليه لكنه في الوقت نفسه ينتمي لنا ولزماننا أكثر مما ينتمي للنص الأصلي وزمنه لافتا إلى أن إضافة شخصية للعمل واعتماد عرض مختلف له إلى جانب المقاربة المختلفة للنص الأصلي جاءت معتمدة على بنية فكرية خاصة وجديدة.

ويتابع..إن العرض هو بالدرجة الأولى تأكيد على أهمية المسرح والثقافة ككل في المجتمع ويدعو إلى إعادة الاهتمام بهما دون التمترس بالشعارات الفارغة التي لم تعد تستطيع حجب أننا نعيش أزمة ثقافية واجتماعية خانقة فالعمل قد يكون صدامياً باسقاطه لهذه الشعارات العريضة ودعوته إلى عدم التعاطي بقدسية مع أي شيء طالما كل شيء قابلا للنقاش على خشبة المسرح وما استفز منتقدي العرض ليس جرأته بقدر ما أنه قدم واقع حال المسرح والثقافة المسكوت عنه.

ويرى حيدر أن الأزمة التي تعصف بالبلاد تتطلب حلولا ثقافية واجتماعية إلى جانب الحلول السياسية والاقتصادية لأن هذا المجتمع بحاجة إلى إعادة بناء ووسيلتنا الوحيدة لبنائه هي الثقافة بمختلف أشكالها.

ويقول..على الرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها مؤسساتنا الثقافية إلا أن معوقات العمل الثقافي أكبر منها كلها سواء في ضعف التمويل أو عدم الجدية من حاملي لواء الثقافة والمسرح بالإضافة للتخلف والجهل الثقافي في المجتمع وغيرها ما يتطلب الاعتراف بالمشكلة للبدء بحلها.

ويؤكد حيدر أن المسرح السوري يواجه الكثير من المشكلات منها ما يمكن اعتباره مشكلات داخلية تتعلق بنوعية العروض المقدمة وعددها وتوزعها وانتشارها وجدية القائمين عليها إضافة إلى المساحة الممنوحة للشباب من قبل الأجيال السابقة ليحصلوا على منبر يقدمون من خلاله طروحاتهم.

ويوضح مخرج حدث في يوم المسرح أن ضعف الميزانية الحكومية المخصصة للمسرح مع قلة المسارح يؤدي لتقديم عروض منخفضة التكلفة وبالتالي غير قادرة على تقديم سوية فنية عالية بالإضافة الى عدم وجود قوانين وآليات تدعم العمل والإنتاج المسرحي الخاص وإنشاء الفرق المسرحية.

ويشير حيدر إلى أن عدم وجود نقد فني متخصص يؤثر على تطور الفن بشكل عام والسائد اليوم كما يراه مقالات يكتبها صحفيون لا يملكون المعرفة اللازمة بالنقد الفني في حين أن النقاد لا يكتبون بالصحف لعدم توفر منابر لهم فيها والتي تشترط كتابة مواد بعدد محدد من الكلمات وبأجر محدود أيضاً وبسرعة كبيرة ترافق بداية العرض مما لا يحقق هامشا لهؤلاء النقاد ليقدموا مواد نقدية ذات قيمة.

ويرى حيدر أن تشخيص المشكلات في كل المجالات الثقافية يمكننا من أن نهتدي ببساطة إلى الحلول مع ضرورة الإيمان بدور الثقافة في بناء المجتمع وتطويره وحل مشكلاته ودون ذلك التشخيص لن تتوفر الجدية الحقيقية في ممارسة العمل الثقافي وإيجاد الحلول لمشاكله.

ويختم حيدر بالقول.. إن الثقافة ليست رفاهية أو فسحة لتمضية وقت الفراغ والمجتمعات والأمم والشعوب تبني نفسها وتواجه مشكلاتها وتداوي شروخها بالثقافة.

محمد سمير طحان