لندن-سانا
أظهرت دراسة أثرية حديثة، أجراها فريق بحثي بقيادة المتحف البريطاني وبمشاركة نخبة من الباحثين من مؤسسات أكاديمية دولية، دلائل قوية على أن إنسان النياندرتال كان يشعل النار بشكل متكرر في موقع بارنهام شرق إنجلترا قبل نحو 300 ألف عام، في مؤشر واضح على إدراك مبكر لخصائص النار وقدرته على التحكم بها.
ووفقاً لما نقلته شبكة CNN عن الدراسة المنشورة، فقد عُثر على قطعتين من حجر البيريت الحديدي، المعروف بـ”ذهب الحمقى”، وهو معدن يمكن استخدامه لإشعال النار عند ضربه بحجر الصوان، ويُعد وجود هذا المعدن، غير المتوفر طبيعياً في المنطقة، دليلاً على أن السكان الأوائل سعوا للحصول عليه عمداً لاستخدامه في إشعال النار.
وأشار الباحثون إلى أن التغيرات المعدنية في الرواسب تدل على تكرار عمليات الاشتعال في الموقع نفسه، ما يعزز فرضية الاستخدام المتعمد للنار، كما عُثر على فؤوس حجرية من الصوان تؤكد وجود الإنسان في الموقع رغم غياب الأدلة العظمية.
وقال البروفيسور جون ماكناب، أستاذ علم آثار العصر الحجري القديم بجامعة ساوثهامبتون البريطانية: “إن ما يميز الدراسة هو تنوع الأساليب التحليلية المستخدمة”، مؤكداً أن السيطرة على النار كانت نقطة تحول في تطور المجتمعات البشرية.
ورجّح كريس سترينجر، رئيس قسم أبحاث التطور البشري في متحف التاريخ الطبيعي بلندن وأحد المشاركين في الدراسة، أن النياندرتال الذين عاشوا في سوانسكومب، على بُعد نحو 130 كيلومتراً، هم الأرجح في إشعال النار بالموقع، وخاصة أن بريطانيا كانت متصلة بأوروبا عبر جسر بري في تلك الحقبة.
ويُعد موقع بارنهام من أقدم المواقع الأثرية المرتبطة بالعصر الحجري القديم، ويُسهم هذا الاكتشاف في تعزيز الفرضيات حول استخدام النار كأداة للبقاء والتكيف مع البيئة.