دمشق-سانا
نظمت وزارة الدفاع، اليوم، الندوة الحوارية الخامسة بعنوان “معركة شرق السكة” التي وقعت عام 2017 بريفي حماة وإدلب الشرقيين، خاض فيها المقاتلون حرب استنزاف لحماية المناطق المحررة، وذلك ضمن فعاليات المعرض العسكري للثورة السورية، المقام على أرض مدينة المعارض بدمشق بمناسبة عيد التحرير.
خير وسيلة للدفاع الهجوم

وبيّن العميد منير الشيخ أن معركة شرق سكة هي واحدة من أهم المعارك في الثورة، إذ كانت قوات النظام البائد تنتهج سياسة التقدم التدريجي باتجاه عمق المناطق المحررة، مشيراً إلى أن المعلومات الاستخبارية كانت تنبئ باقتراب تحرك النظام نحو شرقي السكة، وبناءً على ذلك اتخذ المقاتلون قراراً بشن هجوم استباقي على عدة محاور استراتيجية.
ووصف الشيخ المعركة بأنها “ملحمة الثورة”، وأن الهدف منها هو القتال على خطوط متقدمة على الرغم من الصعوبات الكبيرة والتضحيات التي بذلها المقاتلون، مؤكداً أن الخبرات المتراكمة من تلك المعركة، كانت عاملاً أساسياً في حسم معركة ردع العدوان، من خلال إتقان استراتيجيات الحركة الهجومية السريعة، وبناء خط دفاع قوي لتجنب خسارة المناطق الجديدة، وتمرس المقاتلين بعد خوضهم تجارب نوعية زادت من جاهزيتهم النظرية والعملية.
من جانبه، أشار العميد أسامة الحسن إلى أن العمل العسكري كان منظماً، ويعتمد على معلومات استخباراتية دقيقة، ونتيجة ذلك، استطاعت قوات الاقتحام الخاصة تحقيق خسائر فادحة في صفوف النظام البائد في محور جبل حص.
وذكر الحسن أن المقاتلين كانوا يدركون أن الفاتورة ستكون كبيرة، ولكن ثباتهم في الميدان كان بسبب رسوخ مبادئ عدم التنازل عن شبر من واحد من الأرض مهما كان الثمن، مشيداً بتلك بالروح المعنوية العالية في الدفاع عن مناطق الاشتباك ومحاولة استعادتها في كل مرة.
ولفت الحسن إلى أن هذه التضحيات وغيرها كانت الخطوات التي سبقت الوصول إلى المعركة الأخيرة في الثورة، وقال: إن “المهمة لم تنتهِ بعد، وسنعمل على بناء جيش سوري يليق بسوريا”.
دخول تنظيم داعش الإرهابي وتواطؤ النظام البائد معه غيّر مسار العمليات
وعن السياق العام للمعركة وكيف بدأت، أشار العميد هيثم العلي إلى أنه بعد السيطرة على منطقة “أبو دالي” كانت الخطة تقتضي التوسع جنوباً باتجاه محور حماة-السلمية، إلا أن دخول تنظيم داعش الإرهابي غيّر مسار العمليات، حيث قامت قوات النظام البائد بفتح الطريق للتنظيم والتوقف عن استهدافه فور عبوره طريق “إثريا -خناصر” بريف حماة.

وأشار إلى أن التنظيم اصطحب معه مدنيين من نساء وأطفال، ما منع المقاتلين من استهدافهم، وتسبب بتقدمه في بعض المناطق بالتزامن مع هجوم عنيف لقوات النظام البائد حيث وصل التنظيم إلى ريف أبو الظهور الشرقي بريف إدلب، حيث كان الثقل العسكري في منطقة أبو دالي.
ولفت العلي إلى أنه بعد دحر التنظيم واسترجاع المناطق وصولاً إلى جب أبيض الواقعة في ناحية عقيربات بريف حماة، سطر المقاتلون ملاحم الصمود في تلال الشاكوسية في الريف الشرقي لحماة والتقدم لما بعدها، إلا أن قوات النظام البائد شنت حينها عملاً عسكرياً، بأكثر من 15 أو 20 دبابة ومجنزرة مع قوات برية.
وبين أن هذا الأمر دفع المقاتلين إلى التراجع إلى تلال “الشاكوسية” و”أبو لفة” وتثبيت خط دفاعي قوي من مقاتلي النخبة للتصدي لقوات النظام البائد وتنظيم داعش الإرهابي، عبر تكتيكات عسكرية لتجنب الحصار وقطع طريق الإمداد، نظراً لتقدم قوات النظام البائد إلى منطقة أبو الظهور في ريف إدلب، ومع استمرار القتال قرابة الشهر تمكن المقاتلون من الصمود ووقف تقدم قوات النظام البائد.
بدوره، تحدث العميد محمد الخطيب عن صمود منطقة المستريحة، لافتاً إلى أن قوات النظام البائد لم تتوقف عن محاولات اقتحامها، حيث كانت تحاول الاقتحام مرتين باليوم وبـ 20 دبابة على الأقل، في المقابل كان المحور يستنزف ما بين الـ 200 لـ 300 قذيفة مدفعية، فيما عدا المحاور الأخرى سواء مع قوات النظام البائد أو مع تنظيم داعش الإرهابي.
خصوصية المنطقة جغرافياً
تحدث الخطيب، عن التحديات والصعوبات التي واجهت المقاتلين في منطقة أبو دالي كونها منطقة صحراوية مفتوحة معدومة التضاريس، يصعب التموّه فيها أو التمركز أو تحرك الآليات والمعدات، ما يحول دون تثبيت نقطة عسكرية إلا بعد 8 كم من القرية التي تلي القرية التي يتم التقدم إليها، بالإضافة إلى مواقع القرى ذات المساحة الصغيرة جداً.

كما برز تحدٍّ آخر يتمثل كون المنطقة مفتوحة على جبهتين، واحدة مع قوات النظام البائد والأخرى مع تنظيم داعش الإرهابي، والواقع السياسي حينها الذي فرض نوعاً من الضغط حال دون وجود بعض المقاتلين في المعركة، ما تطلب تكتيكات معينة في معركة السكة وجعلها أشد ضراوة وأكثر تعقيداً، حيث استمرت مدة 4 أشهر تقريباً.
وكانت فعاليات المعرض العسكري للثورة انطلقت في الـ 5 من الشهر الجاري على أن تنتهي اليوم، وجرى تمديدها حتى الـ 12 من الشهر نفسه، في ضوء الإقبال الكبير من المواطنين للتعرف على المنجزات العسكرية للثورة.