اللاذقية-سانا
يُعد جامع المغربي الذي يُعرف أيضاً باسم “مسجد النور” أحد أبرز المعالم الأثرية والدينية في مدينة اللاذقية، وشاهداً حياً على عراقتها ومركزاً إشعاعياً للعلم والمعرفة منذ ما يقارب مئتي عام.

بُني الجامع على الطرف الجنوبي لتلة حي القلعة، أحد أقدم أحياء المدينة، واستغرق بناؤه ثماني سنوات من عام 1827 حتى عام 1835 ميلادي، الموافق 1242 هجري، وسُمي بـجامع المغربي نسبة للشيخ محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد ناصر الدين المغربي، وهو عالم جليل قدم إلى سوريا من المغرب بعد أدائه فريضة الحج، واستقر في اللاذقية حتى وفاته، ووفاءً من أهالي اللاذقية الذين أحبهم الشيخ المغربي وأحبوه، قاموا ببناء الجامع، وفق رئيسة قسم الآثار والمباني الوقفية في مديرية أوقاف اللاذقية المهندسة بشرى الريس.
وأشارت الريس في تصريح لمراسل سانا إلى أن الجامع، الذي يتميز بكونه تحفة معمارية نادرة حافظت على رونقها وطرازها العثماني الأصلي دون إضافات تذكر، يتميز بهيكلته الإنشائية والهندسية المتينة، حيث لم يعانِ من أي تصدعات خلال الزلزال الذي ضرب اللاذقية في عام 2023.

ولم يقتصر دور الجامع على الجانب الروحي فحسب، بل شكّل منذ إنشائه منارة للعلم، حيث أشارت الريس إلى أن الرواق الشمالي للجامع ضم “المدرسة الحميدية”، ثم تحول في فترات لاحقة إلى معاهد تعليمية خرّجت العديد من المدرسين وطلاب العلم الذين جرى إرسالهم إلى مدارس المحافظة كافة (مدينة وريفاً) في زمن الشيخ عارف المحمودي، ولا تزال حلقات التدريس الدينية تُقام في الجامع إلى يومنا هذا.
من جهته، أكد إمام الجامع الشيخ أحمد جبيرو، على المكانة الروحية الخاصة للجامع في قلوب أهالي اللاذقية، الذين تربطهم به ذكريات منذ الطفولة، ويترددون عليه بحب وشغف لما يجدون فيه من سكينة وراحة نفسية لافتاً إلى أنه جامع تاريخي وأثري.
بدوره، أشار المدرس في معهد المغربي التابع للجامع عبد الرحمن جبيرو إلى المكانة المعرفية والعلمية للجامع موضحاً أنه يتم التركيز في المعهد على تدريس القرآن الكريم حفظاً وتفسيراً، والسنة النبوية الشريفة، واستقطاب طلاب العلم كافة.
ويقف جامع المغربي الذي يجسد روعة الفن العثماني، ودور المساجد كمنبر للعلم، ومكانته التاريخية كشاهد حي على تاريخ المدينة ودورها الحضاري.





