حمص-سانا
نظمت الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية بالتعاون مع محافظة حمص مساء اليوم لقاءً حوارياً في قصر الثقافة، ضم عدداً من الناجين من الاعتقال في سجون النظام البائد وأسر المفقودين إضافة إلى المهتمين بالشأن العام، للتعريف بالهيئة الوطنية وأهدافها ومهامها وآلية عملها.

وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية عبد الباسط عبد اللطيف في تصريح لمراسل سانا أن هذا اللقاء يهدف إلى الاستماع لمقاربات السوريين بشأن مسار العدالة الانتقالية وتطلعاتهم المتعلقة بالهيئة، إضافة إلى عرض أهداف الهيئة ومهام لجانها الست التي تشمل، لجنة الحقيقة وكشف الحقائق، ولجنة المساءلة والمحاسبة، ولجنة جبر الضرر والتعويض، ولجنة الذاكرة الوطنية وتخليد الذكرى، ولجنة الإصلاح المؤسسي وضمانات عدم التكرار، ولجنة السلم الأهلي والمصالحة الوطنية.
وأشار عبد الباسط إلى أن الهيئة بعد مرور شهرين على تأسيسها، قامت بصياغة نظامها الداخلي وزيارة عدد من الدول للاطلاع على تجاربها في مجال العدالة الانتقالية، ومن بين تلك الدول رواندا، موضحاً أن الهيئة تقوم حالياً بجولات في المحافظات لجمع آراء السوريين عن مسار العدالة الانتقالية وما ينتظرونه من الهيئة.
وأكد عبد الباسط أن العمل جار على صياغة قانون العدالة الانتقالية الذي سيُعرض على مختصين في القانون ومنظمات المجتمع المدني قبل طرحه عبر موقع الهيئة للاطلاع عليه من قبل الجميع ومن ثم تقديمه لمجلس الشعب في دورته القادمة لإقراره، مبيناً أن الهيئة تخطط لتنظيم مؤتمر دولي نهاية الشهر الحالي لعرض خطة عملها واحتياجاتها إضافة إلى مناقشة القضايا التي تهم السوريين.

من جانبه، أكد مدير الشؤون السياسية بحمص عبيدة أرناؤوط أن العدالة الانتقالية ليست أداة للانتقام أو العفو العشوائي، بل هي عدالة تحقق الإنصاف وتعاقب المجرمين في إطار بناء السلام الوطني والمصالحة وتحقيق الأمن، لافتاً إلى أن المجتمع السوري بحاجة ماسة لهذه العدالة لمعالجة الجراح وإعادة الحقوق بطريقة قانونية وصحيحة، ومشيراً إلى أهمية استلهام تجارب الشعوب الأخرى في هذا المجال.
وتضمنت مداخلات الحاضرين أسئلة ومقترحات عديدة جاءت أغلبها من ذوي الضحايا والمعتقلين والمغيبين قسرياً، وتمحورت النقاشات حول أهمية المحاسبة العلنية لمرتكبي الانتهاكات وآليات توثيق الضحايا وتقديم الشكاوى للهيئة، إضافة إلى علاقة الهيئة بالمجلس التشريعي وكيفية ضمان تعويض المعتقلين وتمكينهم على الصعيد الاقتصادي والصحي والتعليمي، وطالبوا بوضع جدول زمني واضح لمسار العدالة الانتقالية وتطبيق العزل السياسي والإداري للشخصيات الفاسدة السابقة.

وانتقد المشاركون التأخير في إطلاق آليات لتعويض المتضررين ورفع الحجز عن ممتلكات المعتقلين المفرج عنهم، مشددين على ضرورة ملاحقة الهاربين خارج البلاد ومسؤولي النظام البائد المتورطين بالجرائم، ودعوا إلى البحث في سجلات المغيبين منذ الثمانينيات وتسليم المتورطين عن طريق وجهاء المناطق.
وطالب المشاركون بفرض عقوبات مشددة بحق مرتكبي الجرائم وضمان محاسبة كل من تورط في انتهاكات سابقة ضمن إطار القانون، مع اقتراح تشكيل صندوق لاسترداد الأموال المنهوبة واستخدامها لدعم الضحايا والمعتقلين، مؤكدين على أهمية مشاركة الجميع في كتابة تاريخ سوريا بشكل صادق وموضوعي للوصول إلى رؤية موحدة لما مرت به البلاد.

وفي ردهم على التساؤلات، أوضح أعضاء الهيئة أن ولايتهم تمتد لخمس سنوات سيعملون خلالها على تحقيق أهداف الهيئة، مؤكدين أن قانون العدالة الانتقالية تمت مناقشته مع مؤسسات أكاديمية ومجتمع مدني وسيُنشر عبر منصة الهيئة لتلقي الاستفسارات والآراء، ومشيرين إلى افتتاح فروع للهيئة في المحافظات لضمان وصول خدماتها للجميع وبدء محاسبة القضاة الفاسدين بالتنسيق مع وزارة العدل.
وأكد أعضاء الهيئة أن احتياجات الضحايا هي محور عملهم الأساسي وأن فلسفة العدالة الانتقالية تتمثل في إجراءات قضائية منصفة تلبي احتياجات المجتمع وتحقق العدالة المجتمعية المنشودة.