دمشق-سانا
نظّمت شبكة الراصد السوري المجتمعية – وحدة دعم الاستقرار، ندوة مخصصة لمناقشة مخرجات عملية متابعة انتخابات مجلس الشعب السوري، وذلك استناداً إلى البيانات والمعلومات التي تم جمعها من فرق المتابعة الميدانية في مختلف المحافظات السورية، والتي بلغ عددها 42 فريق متابعة ميدانياً موزعين على 11 محافظة.

وخلال الندوة التي عقدت اليوم في فندق قيصر بالاس بدمشق، تم استعراض مجريات العملية الانتخابية بالاستناد إلى الإطار التشريعي الناظم لها، وتسليط الضوء على أبرز الاتجاهات والملاحظات العامة التي عكستها التجربة، إلى جانب عرض مجموعة من التوصيات التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسار الإصلاح السياسي ودعم مبادئ العدالة الانتقالية في سوريا.
التجربة الانتخابية جسدت رؤية وطنية
وأكد المدير التنفيذي لوحدة دعم الاستقرار منذر السلال خلال كلمة له أن تشكيل مجلس الشعب الجديد يشكل خطوة نحو مستقبل أفضل قائم على الكفاءات والنخب بعيداً عن التحزبات العرقية أو الطائفية أو العشائرية، مشيداً بالجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة العليا للانتخابات خلال المرحلة الانتقالية، وما أظهرته من تمثيل وتشاركية تُعد نموذجاً سورياً بامتياز.
وأوضح السلال أن هذه التجربة الانتخابية جسدت رؤية وطنية نحو تعزيز التشاركية واستعادة الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين، لافتاً إلى أن التعاون الذي أبدته اللجنة العليا مع مؤسسات المجتمع المدني أسهم في تعزيز الشراكة بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني، رغم ضيق الوقت والموارد المتاحة.
وأشار إلى أن تجربة متابعة الانتخابات التي نفذتها شبكة “الراصد السوري المجتمعية” لم تقتصر على الرصد الميداني فحسب، بل كانت فرصة لترسيخ قيم المواطنة والشفافية عبر مشاركة الناشطين المدنيين.
وأكد السلال أن المرحلة الحالية تتطلب مرونةً في الآليات الانتخابية مثل اعتماد الهيئات الناخبة كآلية انتقالية ضرورية في السياق الراهن، مشيراً إلى أن المستقبل يتطلب انتقالاً تدريجياً نحو انتخابات مباشرة تشمل جميع السوريين والسوريات داخل البلاد وخارجها، مع ضمان تمثيل عادل لكل الفئات.
تقرير اللجنة حول العملية الانتخابية
وخلال الندوة، تم عرض التقرير الأول للشبكة الذي وثّق أبرز الملاحظات والتوصيات المستقبلية لتطوير العملية الانتخابية في البلاد.

وجاء في التقرير أن الشبكة اعتمدت منهجية دقيقة ومتعددة المستويات تقوم على الدمج بين الرصد الكمي والنوعي لتقديم صورة شاملة وموضوعية عن مجريات العملية الانتخابية، حيث استخدمت فرق المتابعة الميدانية نماذج موحدة ورقية وإلكترونية لتوثيق الملاحظات بصورة متزامنة، وتولت غرفة المتابعة المركزية في دمشق التنسيق وتحليل البيانات الواردة من المحافظات.
وأوضح التقرير أن المنهجية انطلقت من مبادئ الحياد والشفافية، مع مراعاة التنوع الجغرافي في فرق المتابعة لضمان التمثيل المتوازن، كما جمعت الملاحظات المباشرة والمقابلات القصيرة مع الناخبين لتقييم بيئة مراكز الاقتراع ومستوى التنظيم ورضا الناخبين عن التجربة الانتخابية.
وبيّن أن تشكيل اللجنة العليا للانتخابات عكس إرادة سياسية يمكن البناء عليها رغم قصر الفترة التحضيرية، وأن الأداء العام للجنة تميز بالكفاءة التنظيمية، لافتاً إلى أن استطلاع آراء الناخبين أظهر رضاهم عن أداء اللجان الانتخابية وممارستهم للاقتراع بسرية تامة.
وأشار التقرير إلى أن يوم الاقتراع شهد التزاماً بالإجراءات القانونية العامة، حيث تم التحقق من هوية الناخبين، وجرت عمليات العد والفرز بشفافية عالية، مع تسجيل بعض الملاحظات التنظيمية البسيطة كتأخر افتتاح بعض المراكز أو ضعف الجاهزية للأشخاص ذوي الإعاقة، فيما كانت البيئة المحيطة بالمراكز مستقرة عموماً.
اختيار أعضاء الهيئات الناخبة

بدوره، أكد المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة، أن اللجنة واجهت خيارين عند تقرير إجراء الانتخابات، أولهما الانتخابات المباشرة التقليدية التي حالت الظروف اللوجستية والديموغرافية دون تنفيذها، وثانيهما نظام الهيئات الناخبة الذي اعتمد كآلية انتقالية سورية خالصة.
وأشار نجمة إلى أن التحدي الأبرز كان ضمان النزاهة في اختيار أعضاء الهيئات الناخبة، وهو ما حرصت عليه اللجنة، مشيراً إلى أن اللجنة نجحت بنسبة تتراوح بين 70 و80 بالمئة في تحقيق هذا الهدف، معتبراً النتيجة جيدة في ظل الظروف الصعبة، وأن المرحلة الثانية من العملية الانتخابية تميزت بدرجة عالية من الشفافية بمساهمة الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمراقبين المحليين.
وأضاف: إن الانتقادات المتعلقة بتمثيل النساء وبعض مكونات الشعب السوري تعكس واقع المجتمع السوري نفسه، إذ حرصت اللجنة على العدالة دون محاصصة، مشيراً إلى أن ما جرى في سوريا خلال الأشهر الأخيرة يمثل خطوة في طريق التجربة الديمقراطية، ورغم بعض السلبيات الطبيعية في أي تجربة أولى، فإن المجتمع السوري بحاجة إلى وقت لينضج تجربته الديمقراطية الخاصة التي ستميزها هويتها الوطنية.
وكانت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري أعلنت في الخامس من الشهر الجاري نتائج الانتخابات الرسمية في المناطق التي جرت فيها العملية الانتخابية بالمحافظات المقررة.