حمص-سانا
عاد الآلاف من أبناء قرية البويضة الشرقية في القصير جنوب حمص إلى قريتهم ومنازلهم بعد سنوات من معاناة التهجير والنزوح، يحذوهم الفرح الغامر والإصرار على متابعة حياتهم رغم مشاهد التدمير المروعة لقريتهم وممتلكاتهم من قبل النظام البائد.
تدمير ممنهج طال القرية

القرية التي كانت تُعرف بطبيعتها الجميلة وأراضيها المزروعة بأشجار الزيتون واللوز تحولت إلى أنقاض نتيجة حملة تدمير ممنهجة قام بها النظام البائد بحسب عدد من السكان العائدين إلى منازلهم وأراضيهم.
عارف سطوف أحد العائدين، وهو مهندس سابق في مؤسسة مياه حمص، وتهجر إلى لبنان بعد انطلاق الثورة، وعاد بعد أربعة عشر عاماً يقول لمراسل سانا: عدت بعد سقوط النظام البائد ووجدت بيتي كومة من الركام، وكنت أسمع عن حجم الدمار في القرية لكن ما رأيته بعيني لا يمكن وصفه، فمنازل القرية سويت بالأرض بالجرافات، بعد أن عجزت الطائرات والمدفعية عن تدميرها كلياً.
ويضيف عارف الذي ينسق مع مديرية الشؤون المدنية لإجراء إحصاء للمهجرين العائدين: أغلبيتهم يعيشون في خيام نُصبت فوق أنقاض منازلهم وسط غياب كامل للبنية التحتية والخدمات.
فرحة عارمة بالعودة

وتعرضت البويضة الشرقية، بحكم قربها من رحبة عسكرية، لحملة تدميرية شنها النظام البائد حيث يؤكد السكان أن النقمة على القرية تعود إلى انشقاق أغلبية أبنائها عن أجهزة النظام العسكرية والأمنية في بداية الثورة، بحسب محمد رضوان، ضابط منشق منذ عام 2012 والذي عاد إلى قريته ليجد منزله قد اختفى تماماً لكنه أشار إلى أن الفرحة بالعودة عارمة وتطغى على كل مشاعر الحزن، وهذا دافع كبير لكل العائدين للعمل على إعمار القرية.
المدرس خالد بكار الذي باشر بعد عودته بإنشاء غرفة صغيرة تؤويه مع أفراد العائلة على أنقاض منزله المهدم قال: إن إعادة إعمار القرية تحتاج إلى جهود كبيرة ومبادرات دولية، لأن حجم الركام أكبر من قدرة الأهالي المحدودة.
ورغم حجم المعاناة الكبير، يتمسك أهالي البويضة بالأمل، بحسب رشا رضوان، أم لخمسة أطفال، تعيش اليوم في منزل شبه مدمر: شعرت بسعادة كبيرة بعودتي ولكني أنتظر من يساعدني على ترميم البيت بسبب وضعي المادي السيئ جداً.
العائدون بحاجة ماسة للدعم

أم بلال الحمود تروي بحسرة معاناتها؛ فبعد سنوات من التهجير في لبنان وجدت منزلها مدمراً بالكامل، ما اضطرها إلى نصب خيمتها التي لم تعد صالحة لحمايتها من برد الشتاء وطالبت بتقديم الدعم اللازم للأسر العائدة إلى قراها المدمرة لتتمكن من بدء حياة جديدة بكرامة وأمان.
وتبقى الحاجة ماسة إلى دعم حكومي لإعادة الحياة إلى هذه القرية المنكوبة، وتوفير الدعم لسكانها العائدين، وخاصة في المجال الصحي حيث تعاني آمنة رضوان التي عادت مع ابنتها ذات الـ 25 عاماً من ذوي الإعاقة، لتسكن خيمة منذ ثلاثة أشهر دون أي مورد دخل، في حين تعيش فاطمة حمود مع طفل معاق وزوج مريض بالسرطان، في خيمة لا تصلح للحياة، وتعاني من وضع إنساني مأساوي حسب تعبيرها.
ويتمسك أهالي البويضة كغيرهم من سكان قرى ريف القصير في حمص بالأمل والإصرار على الحياة بعزيمة أقوى من الدمار، على الرغم من التدمير الممنهج الذي حاول طمس الحياة بشكل نهائي ومنع أي أمل بعودة السكان إلى بيوتهم.



