دمشق-سانا
نظّم صالون سوريا للفكر والثقافة جلسة حوارية بعنوان «انتخابات مجلس الشعب الأول بعد التحرير: الآليات، النتائج، والتحديات»، تناولت أبرز الجوانب المرتبطة بالعملية الانتخابية وما رافقها من تطورات، بمشاركة عدد من السياسيين والإعلاميين والمهتمين بالشأن العام.
الحوار الوطني والسلم الأهلي
عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة خلال مداخلته في الجلسة التي عُقدت في فندق «آرت هاوس» بدمشق، أشار إلى أن النظرة العامة للانتخابات إيجابية، واستطاعت اللجنة ضمان نزاهة الانتخابات لافتاً إلى أن البلاد بحاجة إلى فضاء دائم للحوار الوطني البنّاء ضمن المؤسسات الدستورية وأن مجلس الشعب القادم هو المكان الطبيعي للحوار لأنه سلطة منتخبة تمارس النقاش والتشريع من أجل الوصول إلى نتائج ملموسة تخدم الدولة والمواطن.

ورأى نجمة أن الحوار الوطني في المجلس سيسهم بشكل مباشر في ترسيخ المصالحة الوطنية والسلم الأهلي بين مختلف المكونات في البلاد، مشيراً إلى أن تسريع إقرار القوانين الاقتصادية والتنموية سيكون له أثر إيجابي كبير على الاستقرار العام، مبيناً أن البرلمان بدوره سيعمل على إصدار التشريعات التي تحمي المستثمرين وتوفر المناخ المناسب للنهوض الاقتصادي.
وأضاف: إن التنمية المستدامة ستدعم بدورها المصالحة الوطنية؛ لأنها توفر فرصاً متكافئة للمواطنين وتعزز الثقة بين الدولة والمجتمع، موضحاً أن المجلس سيكون له دور أساسي في صياغة دستور داعم لمسار الاستقرار السياسي وتطور الحياة العامة في سوريا.
الانتخابات في الحسكة والرقة والسويداء
في معرض رده على سؤال حول مصير انتخابات محافظات الرقة والحسكة والسويداء، أوضح نجمة أنه تم تأجيل الانتخابات في هذه المحافظات مؤقتاً، وأوضح أن القوى غير الشرعية المسيطرة على تلك المناطق منعت مشاركة المواطنين في العملية السياسية الوطنية.

وأضاف: إن هذه القوى تحاول استغلال عامل الوقت وعرقلة الاتفاقيات في الوقت الذي تدرك فيه الحكومة السورية حاجتها إلى سرعة العمل والإنجاز، مؤكداً أنه سيتم إجراء انتخابات تكميلية حالما تستقر الأوضاع في المحافظات الثلاث.
من جانبها، أكدت عضو اللجنة العليا للانتخابات لارا عيزوقي، أن اللجنة تابعت باهتمام الانتقادات والملاحظات التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة العملية الانتخابية، مبينة أن بعض تلك الانتقادات كانت بنّاءة وأسهمت في تحسين العمل، وأن اللجنة استجابت للرأي العام وللمواطنين قبل انتهاء الانتخابات وعدّلت كثيراً من الإجراءات بناءً على الملاحظات واللقاءات التي أجريت مع الناس.
التنمية والاقتصاد
بينت عيزوقي أن المجلس الجديد يشكل ضرورة لإطلاق عجلة التنمية والاقتصاد، موضحة أن هناك مئات القوانين المعطلة، أغلبها وُضع سابقاً لخدمة أشخاص وليس لخدمة المواطنين، ومؤكدة أن اللجنة كانت تعمل بشكل مكثف لإنجاز المهام بأقصى سرعة ممكنة رغم الصعوبات الكبيرة.

وأضافت عيزوقي: إنه كانت هناك اعتراضات من بعض المرشحين الذين تم إلغاء ترشيحاتهم، وإن هذا الإجراء جاء نتيجة الطعون التي قُدمت ضدهم ضمن القوائم الأولية، وكان لا بد من تعديل بعض القوائم لتصحيح الخلل الحاصل في تركيبتها.
تمثيل المرأة
أشار المشاركون خلال الجلسة الحوارية إلى أن ضعف نسبة تمثيل النساء في المجلس يشكل ثغرة ينبغي معالجتها مستقبلاً، مؤكدين أن التجربة الانتخابية الأخيرة، رغم تحدياتها، تُعتبر خطوة مهمة على طريق تعزيز الحياة السياسية في سوريا وتطوير المشاركة الشعبية في صنع القرار.

كما تم التشديد على ضرورة استمرار الحوار بين مختلف المكونات الوطنية، والعمل على دعم حضور المرأة في المجالس المنتخبة القادمة، سواء عبر التنظيم والتكتل النسائي أو من خلال نشر الوعي السياسي والمجتمعي حول أهمية مشاركة النساء في العمل العام.
وأشارت المرشحة السابقة لمجلس الشعب هديان النحلاوي، في تصريح لسانا، إلى وجود تحديات تتعلق بغياب التمثيل الكافي للمرأة في النتائج النهائية، فضلاً عن صعوبة إقناع المرشحين الرجال بضم نساء إلى قوائمهم الانتخابية، رغم وجود عدد كبير من المرشحات، داعية إلى ضرورة دراسة أسباب هذا الخلل لضمان تمثيل عادل للمرأة في الدورات الانتخابية المقبلة.

من جهتها، أعربت المشاركة لميس رجال عن أن دور المرأة في المجتمع لا يقل أهمية عن دور الرجل، وأن غيابها عن مجلس الشعب في نتائج الانتخابات، وخاصة في دمشق حيث فاز عشرة رجال فقط، يستدعي البحث في سبل تعزيز مشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية، معربة عن أملها في أن تسهم هذه النقاشات في تعزيز دور المرأة.
برلمان يمثل صوت الشعب
أشار المشارك هيثم الغبرة إلى أهمية وجود برلمان قوي يمثل صوت الشعب ويدعمه، مشدداً على ضرورة زيادة تمثيل الكفاءات، وخاصة النسائية، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في المستقبل، بالتوازي مع دعم قطاعي التعليم والاقتصاد بما يرضي الناس والمجتمع المحلي.
وتأتي هذه الجلسة الحوارية في سياق الجهود الرامية إلى تقييم التجربة الانتخابية الأولى بعد التحرير، وفتح آفاق للنقاش البنّاء حول سبل تطوير العملية الديمقراطية وتعزيز المشاركة المجتمعية، لضمان بناء مجلس شعب يمثل تطلعات جميع السوريين نحو المستقبل.



