دمشق-سانا
انطلقت اليوم فعاليات المؤتمر الوطني السنوي للطب الشرعي لعام 2025، تحت عنوان “الاتجاهات المستقبلية وتطورات عمل الطب الشرعي في سوريا”، والذي تقيمه وزارة الصحة، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك في فندق أمية بدمشق.

ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام، دور الطب الشرعي في تحديد مصير المفقودين، ودور النيابة في توثيق الأدلة الجنائية وعلاقتها بالطب الشرعي، والتحديات التي تواجه المهنة، وتقدم الذكاء الاصطناعي في الطب الشرعي، ومعالجة الرفات البشرية والأدلة الجنائية، إضافة لطرق الاستعراف على الضحايا، وقواعد العمل وطرق أخذ العينات.
دور الطب الشرعي بحماية المجتمع
وزير الصحة الدكتور مصعب العلي، أكد على دور الطبيب الشرعي في حماية المجتمع من الجريمة، وكشف أسباب الوفيات المشبوهة، وتوثيق حالات العنف والإيذاء، ودعم قضايا حقوق الإنسان، ومشاركته في مجالات جديدة مثل تحديد الهوية في الكوارث والحروب، إضافة إلى تحليل الأدلة الجينية في إثبات النسب أو البراءة، الأمر الذي يتطلب دعم الاختصاص وتطوير مؤسساته ومخابره، كونه جزءاً لا يتجزأ من نهضة الدولة وتطور نظامها القضائي والصحي معاً.

ونوه الدكتور العلي إلى التنسيق المشترك مع الهيئة الوطنية للمفقودين، لتسخير خبرات الطب الشرعي في تحديد هويات ضحايا المقابر الجماعية، ومعرفة مصيرها، لافتاً إلى أنه تم افتتاح مركز الاستعراف السوري، المتخصص بتحديد هوية الرفات العظمية باستخدام الدراسات الأنتروبيولوجية وبصمة الأسنان وأخذ عينات للبصمة الوراثية DNA، إضافة إلى افتتاح مركز الطب الشرعي بحماة لفحص الأحياء والذي شيدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتجهيز مركز الطب الشرعي لفحص الوفيات في مشفى دير الزور الوطني بالمشارح والمعدات الطبية اللازمة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
دور الطب الشرعي بدعم الحقيقة وصون كرامة الإنسان
وزير العدل الدكتور مظهر الويس، أشار إلى أهمية المؤتمر كونه يجمع رجال العدالة تحت سقف واحد، في تلاقي الفكر والخبرة والعلم بهدف خدمة الحقيقة، وصون كرامة الإنسان خاصة خلال مرحلة التعافي التي تمر بها سوريا، وإعادة بناء مؤسساتها وترسيخ العدالة القائمة على العلم والدليل والضمير، مبيناً أن العدالة لا تقوم على النصوص وحدها، بل على العلم والخبرة التي تكشف الحقيقة وتدعم القرار القضائي، وهذا ما يجسده الطب الشرعي ومؤسساته العاملة في خدمة الدولة والمجتمع.

وأشار الوزير الويس إلى سعي الوزارة على إدراج تدريب متخصص في مجال الطب الشرعي، ضمن مناهج المعهد العالي للقضاء، بهدف إعداد كوادر قانونية أكثر إلماماً بالأدلة العلمية، وعقد ورشات عمل متخصصة تسهم في رسم رؤية وطنية جديدة للطب الشرعي تراعي التطورات الحاصلة في البلاد، وتستجيب لحاجات المرحلة المقبلة في بناء العدالة، مؤكداً حرص الوزارة على التعاون المستمر مع وزارة الصحة وهيئة الطب الشرعي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أجل بناء قاعدة وطنية متكاملة لحالات المفقودين، وتطوير آليات علمية دقيقة، تراعي القيم القانونية والإنسانية في أنٍ واحد.
الصليب الأحمر ملتزم بتعزيز النظام الطبي القانوني في سوريا

رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، ستيفان ساكاليان، أوضح أن المؤتمر يأتي في إطار التزام اللجنة بتعزيز النظام الطبي القانوني في سوريا، والسعي لضمان قدرته على تقديم الإجابات لعائلات المفقودين، حول مصير أحبائهم وأماكن وجودهم، والمساهمة في وضع حد للمعاناة وحالة عدم اليقين التي لا يزال يعيشها الكثيرون.
وأكد ساكاليان سعي اللجنة للدعم المستمر للمؤسسات الطبية القانونية لإدماج الممارسات الإنسانية الشرعية في ممارستها اليومية، لافتاً إلى أنه منذ كانون الأول من العام الماضي كثفت اللجنة جهودها لدعم السلطات السورية في بناء القدرات، والتعاون مع الهيئة الوطنية للمفقودين منذ تأسيسها، والذي يمثل خطوة ضرورية لتوفير الإجابات التي تستحقها العائلات.
ملف المفقودين ومعرفة هوياتهم مسؤولية وطنية
مسؤول التوثيق في الهيئة الوطنية للمفقودين الدكتور عمار العيسى أكد أهمية المؤتمر كونه يشكل رسالة واضحة أن ملف المفقودين ومعرفة هوية الرفات هما مسؤولية وطنية مشتركة بين الجهات العملية والصحية، والعمل الحديث لإنهاء حالة الانتظار المؤلم لمعرفة مصير المفقودين التي طالت لسنوات نتيجة ممارسات النظام البائد.

النائب العام للجمهورية القاضي المستشار حسان التربة أوضح الأهمية البالغة للطب الشرعي في العملية القضائية، والعلاقة التكاملية بين القضاء والطب الشرعي لتحقيق العدالة، لافتاً إلى أن تطور أساليب الإجرام يتطلب تطوراً موازياً في وسائل الإثبات، وأن القضايا الجنائية، وخاصة القتل والإيذاء الجسدي، أصبحت تعتمد بشكل أساسي على تقارير الطب الشرعي، للوصول إلى “اليقين” الذي تتطلبه الأحكام القضائية.
وبيّن النائب العام التحديات التي تواجه عمل الطب الشرعي التي تتمثل بضعف الخبرات، وعدم توفر الإمكانيات اللوجستية اللازمة، وقلة عدد الأطباء المتخصصين، داعياً إلى ضرورة تقديم الدعم المادي والتحفيز، وتوسيع التدريبات العملية للعاملين في هذا المجال.
مدير مديرية الطب الشرعي في وزارة الصحة الدكتور ياسر القاسم، بيّن أن عدد الأطباء البشريين الشرعيين في سوريا يبلغ 60 طبيباً، وعدد أطباء الأسنان الشرعيين 15 طبيباً، مشيراً إلى أن مهمة إيجاد الرفات البشرية والتعرف على هوية الضحايا بشكل سليم هو جل اهتمامات القانون الدولي الإنساني، مع التأكيد على أهمية التعاون مع المؤسسات الإنسانية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ويأتي المؤتمر في إطار توحيد الجهود في سبيل تطوير وتحديث مجال الطب الشرعي، والتركيز على تعزيز دوره في حماية المجتمع وتوثيق الأدلة الجنائية، وتحسين أدوات العمل، بما يسهم في تعزيز نظام العدالة، وحقوق الإنسان في سوريا.








