دمشق-سانا
انطلقت اليوم في فندق الشام بدمشق ورشة عمل بعنوان “فهم مفهوم الصحة الواحدة وتأطير مقاومة مضادات الميكروبات” التي تقيمها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بالتعاون مع وزارة الزراعة السورية، بمشاركة ممثلين عن وزارات وهيئات صحية وبيطرية وبيئية.
وتهدف الورشة التي تستمر يومين إلى تعزيز التعاون بين القطاعات المعنية، والتوعية بالاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية، وبناء القدرات الوطنية في مجالات المراقبة والتخطيط والرقابة على الأدوية.

وجرى عرض الاستراتيجيات العالمية والإقليمية لمقاومة مضادات الميكروبات والسياق السوري في هذا المجال، والأبعاد البيئية لمقاومة مضادات الميكروبات، وكيفية الاستخدام الرشيد للأدوية المضادة، ودور القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية.
وقدم المشاركون خلال الورشة مقترحات أبرزها تشكيل المجلس الأعلى الصحي السوري ليضم الجهات الحكومية والبحثية والنقابية والقطاع الخاص المعنية بهذا المجال، بهدف ضبط سوق الأدوية البيطرية، ودراسة الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان والبيئة.
مقاومة الصادات الحيوية خطر على الصحة العامة
وأكد معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية والتنمية الريفية أيهم عبد القادر، أن مقاومة الصادات الحيوية أصبحت خطراً على الصحة العامة، حيث باتت أكثر تأثيرا وضرراً على الإنسان أمام تطور سلالات من الجراثيم العنقودية الذهبية المقاومة للمضادات الحيوية.

ولفت عبد القادر إلى أنه لا بد من الاستفادة من التجارب التي مر بها العالم وخاصة خلال جائحة كورونا، واتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة التي تمكن المضادات الحيوية وتزيد من فاعليتها، وتحسن من كفاءتها وتعزز سلامة الأغذية، وتمنع الاستخدام الجائر أو الخاطئ لهذه المركبات ذات التأثير الفعال في مكافحة الجراحة الجرثومية.
بدوره، أشار الممثل المقيم لمنظمة “الفاو” في دمشق طوني العتل، إلى ضرورة تنسيق الجهود بين القطاعات المختلفة كـ(الطب البشري والبيطري والزراعي والبيئي) لفهم المشكلة وإدارتها بشكل شامل، نظراً لأن مقاومة الأدوية تهدد جميع هذه القطاعات، ما يزيد من مخاطر انتشار الأمراض وزيادة عدد الوفيات وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، كما يهدد جهود التنمية المستدامة.
وبين العتل أهمية إعداد خطط عمل وطنية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، وتطويرها ودمجها مع المبادرات الإقليمية والدولية في هذا المجال، مشيراً إلى أن ورشة العمل مهمة للتوعية وتعريف المشاركين بالطبيعة المعقدة والمترابطة لمقاومة هذه المضادات كتحد للصحة الواحدة بما يؤثر في صحة الإنسان والحيوان والبيئة، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتنفيذ الاستراتيجيات الخاصة بالمكافحة بفعالية.
الإفراط بالمضادات الحيوية مصدر قلق
كما أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا كريستينا بيثكي، أن الافراط في استهلاك المضادات الحيوية أصبح مقلقاً للغاية في ظل انتشار الأمراض وتطوير سلالاتها، وقدرتها على مقاومة الصادات الحيوية.

ولفتت بيثكي إلى أن المنظمة تدعم جهود الوزارات المعنية في مكافحتها، ويتم العمل معها على تدريب الكوادر والانتقال من نهج الطوارئ إلى النهج المتكامل، مشيرة إلى أهمية تعزيز إمكانيات مراكز الرعاية الأولية والمشافي والأدوية، وضرورة التعاون بين دول المنطقة على مكافحة هذه الأمراض واتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة لذلك.
تعزيز التنسيق لتمكين الصحة العامة
وفي تصريح لمراسل سانا، بين نقيب الأطباء البيطريين حسين البلان أهمية التوعية الدقيقة بالاستخدامات السليمة للأدوية البيطرية وإعطاء الصادات الحيوية المناسبة للحيوانات، في ظل إمكانية وجود ثمالات دوائية داخل جسم الحيوان تنتقل إلى الإنسان من خلال الغذاء، وتساهم في إلحاق الأذى ومقاومة أي صادات حيوية.
ولفت البلان إلى أنه من المهم تعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات الصحية البيطرية والبشرية لضبط انتشار الصادات الحيوية غير المناسبة في الأسواق، مشيراً إلى سيتم العمل على وضع إرشادات خاصة بالصادات الحيوية والأنواع التي يجب أن تمنع داخل الأسواق، وتعزيز خبرات الكوادر بالتعاون مع دول عدة.

وبين مدير الصحة والإنتاج الحيواني الدكتور عبد الحي يوسف أن المديرية تجري تحاليل دورية للحيوانات، حيث تم تنفيذ أكثر من 700 ألف تحليل لعينات دموية مأخوذة من الحيوانات، من أجل معرفة الأمراض المشتركة بين الانسان والحيوان، كما أنه يتم تنظيم المواصفات التي يجب أن تتمتع بها الأدوية البيطرية التي يتم تصنيعها واستيرادها، لافتاً إلى أن هناك تعاوناً وثيقاً مع وزارة الصحة لإبراز الحالات المرضية، ومكافحتها ومنع انتشارها.
ووفق يوسف يتم العمل على تأهيل المخابر، وتجهيزها وتدريب الكوادر للنهوض بقطاع الأدوية البيطرية وحماية الثروة الحيوانية، ومكافحة انتشار الامراض والسيطرة عليها.
وأشار المدير العام للمؤسسة العامة للمباقر لؤي حموية إلى أن التعاون المشترك بين المؤسسات الصحية ضرورة لتفادي الآثار الناجمة عن الإفراط في المضادات الحيوية، ورفع كفاءة الكوادر في تطبيق برامج الصحة الواحدة من خلال القطاعات المعنية.
وتعد مقاومة مضادات الميكروبات جوهر مشكلة الصحة الواحدة، ويؤدي الإفراط في استخدام هذه المضادات في مختلف القطاعات المعنية إلى ظهور الجراثيم المقاومة وانتشارها، وتتطلب إيجاد حلول فعّالة لمقاومتها، من خلال اعتماد نهج تعاوني متعدد القطاعات.


