دمشق-سانا
نظمت وزارة الزراعة السورية ومنظمة الأغذية والزراعة “فاو” اليوم، ورشة عمل موسعة لمناقشة سلسلة القيمة للزيتون في سوريا، وتحديد فرص الإنتاج والجودة والتصدير، وسبل تحسين البنية التحتية، واقتناء المستلزمات الزراعية الجيدة، وتشجيع الاستثمار.
وعقدت الورشة التي أقيمت اليوم في فندق “غولدن مزة” بدمشق، تحت عنوان” “الطاولة المستديرة: معاً لاستعادة قيمة سلسلة إنتاج زيت الزيتون السوري”، في إطار المبادرة العالمية التي أطلقتها الـ”فاو” عام 2021، تحت عنوان (بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية)، واختيار سوريا الزيتون كمنتج وطني ذي أولوية؛ إدراكاً لأهميته الثقافية والاقتصادية والزراعية.
“تمكين المزارعين وتعزيز الممارسات”
وفي كلمة له، أكد وزير الزراعة أمجد بدر حرص الوزارة على استدامة قطاع الزيتون من الحقل إلى المستهلك، وتمكين المزارعين والتعاونيات والمنتجين من خلال تعزيز الممارسات الزراعية والتقنية واللوجستية، التي تضمن جودة عالية وتنافسية في الأسواق المحلية والدولية.

وبين الوزير بدر أهمية تضافر جهود جميع الجهات في القطاعين الحكومي في سياسات الدعم والتشريعات والتنسيق، والخاص في تحسين خطوط الإنتاج والتعبئة والتغليف والتسويق والتصدير، والتعاونيات المزارعين في تطبيق الممارسات المثلى في الحقل وما بعد الحصاد.
وأشار الوزير إلى أهمية مواصلة تعزيز معايير ISO والممارسات الصناعية الجيدة وتطبيق التتبع traceability في جميع مراحل الإنتاج والتعبئة والتصدير، ودعم مختبرات معتمدة وفرق فنية قادرة على إصدار شهادات المطابقة وتعزيز الثقة في منتجات سوريا، وتطوير وتنويع منتجات الزيتون ذات الأولوية وفرص التصدير العالية مع مواصفات مطابقة للأسواق المستهدفة.
الزيتون السوري محل اهتمام
من جهته أكد الممثل المقيم لمنظمة الـ”فاو” في دمشق طوني العتل، أن الزيتون السوري ليس مجرد محصول زراعي، بل هو جزء من الهوية السورية، ومصدر دخل أساسي لأكثر من 300 ألف مزارع، وعنصر رئيسي في تعزيز الأمن الغذائي والتغذية الصحية، إضافة إلى كونه سلعة تصديرية ذات قيمة عالية، ويمثل جمع الشركاء والفاعلين على طاولة واحدة فرصة لتوحيد الجهود لإعادة إحياء سلسلة قيمة الزيتون وزيت الزيتون والاتفاق على خطة عمل وتدخلات مفتاحية لوضع هذه السلسلة على طريق التعافي.
من جانبه لفت السفير الإيطالي في سوريا ستيفانو رافانيان، إلى اهتمام بلاده بالتعاون في المجال الزراعي مع سوريا، ومناقشة سبل تأهيل هذا القطاع ودعمه بالشكل المناسب، ونقل الخبرات إلى الكوادر الزراعية السورية، وتدريب الفنيين والاستفادة من التجارب الدولية الأخرى في تطوير القطاع الزراعي السوري، مبيناً أنه من الضروري رفع العقوبات الكاملة عن سوريا؛ لتمكينها من تطوير مقدراتها الزراعية وتعزيزها، وإعادة ربط المنتجين بالأسواق الأوروبية.
مدير المعهد الدولي للدراسات الزراعية المتطورة لدول البحر المتوسط بإيطاليا (سيام باري) بيادجو دي تيرليتزي أزينوف، أشار إلى أن المعهد مهتم بالتعاون مع سوريا لتعزيز القطاع الزراعي والتأسيس لنشاطات عدة، وتعزيز الموارد البشرية وتأهيل الكوادر الفنية وتمكينها؛ للنهوض بالزراعة السورية في مختلف مستوياتها.
محاور الورشة

وقدمت المنسقة الوطنية للمبادرة عبير جوهر والخبير في المنظمة هاني حسون، عرضاً ملخصاً عن المساحات الكلية المزروعة بالزيتون في سوريا، ومجمل إنتاج المواسم الماضية، وأصنافها المختلفة المعتمدة والميزات التي تمتلكها زراعياً وإستراتيجياً، ودخولها ضمن السلة الغذائية السورية والصناعات الغذائية والاستخدامات الطبية، ومساهمتها في التصدير وتوفير القطع الأجنبي.
وتطرق المشاركون في الورشة إلى واقع الزيتون وزيت الزيتون في سوريا خلال السنوات الماضية، وأبرز العوامل التي أثرت في جودته وتراجع إنتاجه، وتحديات التسويق والإنتاج، وكيفية تذليل العقبات على المنتجين وأصحاب شركات التصنيع والتصدير.
وتطرق عدد من المشاركون إلى أهمية العمل على زيادة نسبة مساهمة مخرجات السلسلة بالناتج المحلي الإجمالي، التي تساهم في زيادة قيمة الصادرات السورية من زيت الزيتون، حيث يستهلك 70 % من الإنتاج المحلي للزيت محلياً ويتم تصدير الفائض للأسواق الخارجية، وتحفيز المزارعين على تبني ممارسات سليمة لتحسين الإنتاج، وتعزيز العمل التعاوني لمزارعي الزيتون لتأسيس تعاونيات زراعية متخصصة بالزيتون.
جلسات نقاش للتغلب على العوائق
وركز المشاركون على ضرورة تذليل الصعوبات التي تعترض سلسلة القيمة، والعمل على تعزيزها وتطويرها وتحسين جودة الأراضي الزراعية، سواء لجهة معالجة المشكلات المتعلقة بالأصناف والعمليات الخدمية والعوائق الفنية وآليات المكافحة.

وطالب المجتمعون بإحداث مجلس للزيتون، يضم ممثلين عن الجانب الحكومي والقطاع الخاص والجهات الفاعلة لدراسة سلسلة قيمة الزيتون وضمان جودتها.
ودعا المشاركون إلى أهمية وجود مراجعة شاملة لكل القوانين والتشريعات الناظمة في قطاع الزيتون، وتحديثها بما يتناسب مع رؤية التطوير وتناسب أصنافها مع المواصفات القياسية العالمية، وإعادة تأهيل واعتماد مخابر لمنح شهادات مراقبة جودة منتج الزيتون، والتنسيق مع الجهات الخارجية لتسويق الأصناف السورية، واعتماد نظام الحوكمة لضمان البيئة التمكينية من تمويل ونقل ورقابة.
برامج تنفيذية لتطوير قطاع الزيتون
وأشار مدير الاقتصاد والتخطيط الزراعي في وزارة الزراعة سعيد إبراهيم في تصريح لمراسل سانا، إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع المنظمة على إنشاء برامج تنفيذية ضمن إستراتيجية تطوير قطاع الزيتون والممتدة حتى 2033، وتحسين مواصفات الزيتون وزيت الزيتون السوري ليكون مطابقاً للمواصفات العالمية، وتعزيز جودته بشكل يمكنه من دخول الأسواق الخارجية، إضافة إلى المعاملات الزراعية السليمة التي تزيد من إنتاجية الزيتون في وحدات المساحة المحددة.
شارك في الورشة ممثلون عن مديريات الوزارة، واتحاد الغرف الزراعية السورية، وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالقطاع الزراعي والإنمائي، ومنتجي وشركات تصنيع الزيتون في القطاعين العام والخاص، وبعض الجهات المانحة.
ويعد إنتاج الزيتون وزيت الزيتون ركناً أساسياً في الزراعة السورية، ويرتبط بتاريخ البلاد وهويتها الثقافية واقتصادها الريفي، حيث تعد سوريا من أهم المواطن التاريخية للزيتون، ويؤدي دوراً في النظامين الغذائي والاقتصادي، وفي هذا الإطار جاءت مبادرة الـ”فاو” بهدف تعزيز الممارسات الزراعية الجيدة وتشجيع الاستثمار في المنتجات الزراعية الخاصة.




