دمشق-سانا
يقدّم الفيلم المصري الروائي الطويل “فيها إيه يعني” مقاربة إنسانية جديدة حول موضوع نادر التناول في السينما العربية، وهو الحب بعد التقاعد، حيث يعيد طرح أسئلة ثانية حول الفرص المتأخرة ومعنى البداية الجديدة في مرحلة عمرية متقدمة.

الفيلم الذي اختتم عرضه مؤخراً في سينما دمشق هو من إخراج عمر رشدي حامد في أولى تجاربه الروائية الطويلة، بعد مسيرة مهنية لمدير وحدة ثانية ومساعد مخرج في عدة أعمال بارزة، وهو من تأليف وليد المغازي وبطولة ماجد الكدواني، وغادة عادل، وميمي جمال، وأسماء جلال، ومصطفى غريب، إضافة إلى مشاركة الراحل سليمان عيد في أحد آخر أدواره، وقامت بإنتاجه كل من ماجيك بينز (أحمد الجنايني)، وسينرجي بلس (تامر مرسي)، ورشيدي فيلمز، وروزناما.
حكاية تستيقظ من الماضي
وفق معلومات الفيلم الواردة في العرض الرسمي، تدور أحداث العمل حول شخصية “صلاح”، المحاسب المتقاعد الذي يعيش على ذكرى علاقة عاطفية لم تكتمل في شبابه، ليبقى معلقاً بين ماضٍ لا يغادره وحاضر باهت، وتجمعه الصدفة مجدداً بـ “ليلى”، خطيبته السابقة، فينعطف مسار حياتهما نحو مواجهة مشاعر توقّعا أنها انطفأت تحت وطأة السنين ومسؤوليات الحياة.
وتشير المادة التعريفية المصاحبة للفيلم إلى أنّ الخط الدرامي يمزج بين الرومانسية والكوميديا، عبر علاقة تتجدد في عمر متقدم، وتصطدم بواقع الأبوة والأمومة ونظرة المجتمع إلى ارتباط كبار السن، كما تتفرع خطوط فرعية تتناول علاقة صلاح بابنته وصراع الجيل الجديد، مانحة العمل بعداً عائلياً واضحاً.
أداء تمثيلي يحتفي بالنضج

في قراءة عن الفيلم نشرها موقع ترند ريل، فإن قوة “فيها إيه يعني” تنعكس في أداء ماجد الكدواني الذي يجسّد شخصية رجل يعيش بين الحنين والخوف من خسارة فرصته المتأخرة، مستفيداً من خبرته الطويلة في المزج بين الكوميديا الهادئة والانكسار الإنساني.
في حين أشاد موقع “القاهرة 24” بأداء غادة عادل المتوازن الذي يعكس شخصية امرأة غارقة في روتين الحياة، لكنها تكتشف أن قلبها لا يزال قادراً على التجدّد، كما أثنى على حضور النجمة ميمي جمال الذي أضفى دفئاً أسرياً مستمداً من خبرة جيل كامل.
ووفق ما نشر في مجلة سيدتي، فإن ظهور أسماء جلال ومصطفى غريب منح خط الشباب طاقته وتوتره، بينما حمل ظهور سليمان عيد قيمةً وجدانيةً محافظاً على بصمته الكوميدية ضمن إطار الفيلم.
لغة بصرية وموسيقا تخدم الفكرة

وبحسب البيانات الصحفية المرافقة للفيلم، تعتمد الرؤية البصرية على لقطات قريبة ينفّذها مدير التصوير أحمد جبر لالتقاط ملامح الشخصيات وتفاصيل الوجه بما يخدم فكرة الحب المتجدد في مواجهة الزمن، ودعمت التصميمات الفنية للديكور سلمى تيمور هذا الخيار عبر فضاءات منزلية واقعية وشوارع تجمع بين الحنين والحداثة.
الموسيقا التصويرية التي وضعها خالد حماد جاءت بإيقاع هادئ يخدم المشاهد العاطفية دون مبالغة، بينما جسدت الأزياء التي صممتها ناهد نصر الله التفاوت بين الجيلين الكبير والصغير، في ترميز بصري لصراع الأجيال داخل الفيلم.
إيجابيات العمل وملامح قصوره
وبحسب آراء نقاد وجمهور نشرتها مواقع: “ترند ريل” و”القاهرة 24″ و”سيدتي”، أجمعت على أن أبرز نقاط قوة الفيلم تكمن في معالجته موضوع الحب بعد التقاعد، وهو موضوع غير شائع، وتقديمه ضمن قالب كوميدي رومانسي قريب من المتلقي العربي، كما أشارت إلى نجاح العمل في دمج الخط العاطفي بالخط العائلي، ما وسّع مساحة التعاطف مع الشخصيات.
الناقد السينمائي طارق الشناوي نشر على موقع المصري اليوم قراءة وصف فيها الفيلم بأنه «مُختلف، جريء»، و«يبكيك ويضحكك»، معبّراً أن هذا النوع من الأفلام رغم أنه ليس فيلم أكشن أو ضخماً يعتمد على الكتابة والإخراج والأداء ليؤثر في الجمهور.
استقبال جماهيري وإنتاج مشترك
أشار موقعا بوابة الأهرام ومجلة الأسبوع إلى أنّ الفيلم حقق حضوراً جماهيرياً واضحاً منذ بدء عرضه مطلع تشرين الأول 2025 في الدول العربية، وحقق إيرادات مرتفعة في مصر والسعودية والإمارات، ما يعكس جاذبية فكرته وقوة أداء أبطاله.
ولا يزال العمل، بحسب التفاعل على منصات المراجعات، يحظى بإشادة خاصة بأداء الكدواني، بوضع الشخصيات الكبيرة في العمر في مركز الصورة بعيداً عن الهامش المعتاد.
وبين ما له وما عليه، يقدّم الفيلم إضافةً إنسانيةً رصينةً إلى موجة الكوميديا الرومانسية العربية، مؤكّداً أن سؤال “فيها إيه يعني؟” قد يكون مفتاحاً لتغيير مسار حياة كاملة حين يُطرَح في اللحظة المناسبة.