طرطوس-سانا
برزت الشابة رولا عكاري من مشتى الحلو في محافظة طرطوس، كموهبة واعدة تحمل على عاتقها مهمة الحفاظ على هوية ثقافية، فقررت أن تشق طريقها بثبات في عالم الفن الأصيل، من خلال الخط العربي والزخرفة وفن الإيبرو، لتخط بقلمها وريشتها قصة شغف وطموح وإبداع.
عكاري، البالغة من العمر 21 عاماً، هي خريجة المعهد التقاني للفنون التطبيقية بدمشق، أوضحت في تصريح لمراسلة سانا، أنها نشأت ضمن بيئة فنية ثقافية مشجعة للمواهب الفنية، داخل ملتقى مشتى الحلو الثقافي العائلي، مبينة أنها ومنذ طفولتها امتلكت حساً مرهفاً تجاه الفن بكل أشكاله، فدفعها شغفها لدراسة المعهد، ليتوج لاحقاً باكتشافها لقسم الخط العربي والزخرفة، الذي أسرها رغم عدم انتشاره مقارنة بغيره من الفنون.
بعد التخرج.. أسلوب جديد وبصمة فريدة
وأشارت عكاري إلى أنها انطلقت بعد ذلك في رحلة بحث ودراسة معمقة للأعمال الخطية الكلاسيكية والحديثة، لتقرر دراسة هذا الفن أكاديمياً، لافتة إلى أن أعمالها بعد التخرج حملت بصمة مختلفة أكثر جرأة، رغم أنها ما زالت في مرحلة الدراسة والتجريب.
وقالت عكاري: “طريق الفن والإبداع لا ينتهي”، مبينة أنها اطلعت على تجارب فنانين محليين وعالميين، ما ساعدها على تطوير أسلوبها المميز.
وكشفت عكاري أنها درست مختلف أنواع الخطوط الأساسية، ولكنها تفضل خط الثلث بتكوين اللوحات الكلاسيكية وتعتمد عليه في التراكيب الخطية التي تميزت بالأصالة والجمال، وتتوجه حالياً نحو تطوير نفسها في الخطوط الفنية المعاصرة، لاستخدامها بتكوين لوحات فنية وبالتصميم.
تحديات.. وطموح

ورغم اعتبار الخط العربي والزخرفة هوية ثقافية، إلا إن عكاري ترى أن هناك ضعفاً بالاهتمام به مقارنةً بالفنون الأخرى، بالإضافة إلى تحديات الانتشار الرقمي، في وقت يشهد فيه العالم اهتماماً متزايداً بفن الخط واستخدامه في التصاميم الحديثة وتصميم الملابس والعمارة، مؤكدة أنه يجب إظهار الاهتمام المحلي أكثر عبر إقامة ندوات تعريفية ومعارض فنية ودعم الفنانين الشباب.
فن الإيبرو.. مهارة وإبداع بالرسم على الماء
وتتوسع عكاري في عالمها الفني لتتقن فن الإيبرو (الرسم على الماء)، وتعرفه بأنه فن تركي قديم يعتمد على تقنيات خاصة بتحويل سطح الماء إلى لوحة فنية، له أدوات خاصة به كالألوان والفرش الدقيقة، والأعواد المعدنية وصينية ماء ممزوجة بمواد معينة، موضحة أن هذا الفن ليس مدرسة فنية تقليدية كالواقعية أو الانطباعية أو غيرها، بل فن مستقل يمتزج بين الحرفة والإبداع.
وبحسب عكاري، يتطلب هذا الفن دقة عالية وصبراً طويلاً، وحساً جمالياً لتوزيع الألوان وتنظيمها على سطح الماء، حيث إن لكل لوحة طابعاً فريداً لا يتكرر، وتظهر البصمة الخاصة بالفنان عبر اختيار الألوان والحركات التي تستخدمها، لافتة إلى أن هذا الفن له رواده، حيث تقيم ورشات تعريفية وتدريبية تهدف أولاً إلى تعريف الناس بهذا الفن القديم.
دعم الأهل والأصدقاء دافع للاستمرار

لم تكن تخوض عكاري رحلتها الفنية وحدها، كما ذكرت، فقد منحها أهلها الدعم المعنوي، بينما كان أصدقاؤها مصدر طاقة إيجابية وأول جمهور لأعمالها، أما أساتذتها فكانوا سبباً رئيسياً في تطورها، من خلال النقد البنّاء والتوجيهات التي ساعدتها على تحقيق التقدم بشكل أسرع.
وشاركت عكاري بعدة معارض وورشات ومهرجانات، والتي تعد بمثابة تجربة جديدة أضافت لها الخبرة والثقة، إضافة إلى أن وجود الأعمال بين الناس فرصة لسماع آرائهم ونقدهم، وهو ما يعطيها دافعاً للاستمرار ويخلق فرصاً للتواصل الفني مع المحبين والمهتمين.
ودعت عكاري الموهوبين إلى الإيمان بموهبتهم والاستمرار وعدم الاستسلام أمام الصعوبات، لأن الاستمرارية هي أساس النجاح، كما نصحت بالاستفادة من النقد بطريقة إيجابية وتجريب أساليب جديدة.