دمشق-سانا
فضاء ثقافي متنقل حاملاً الأدب والفن بمختلف أنواعه، هذه الصورة ترجمتها وزارة الثقافة السورية عبر إطلاق الحافلة الثقافية التي تنتقل بين مناطق ريف دمشق كمبادرة نوعية تحمل الكتاب إلى الناس، وتفتح نوافذ المعرفة بعيداً عن الأساليب التقليدية.
تضم الحافلة الثقافية المتنقلة مكتبةً متكاملةً من الكتب والروايات والقصص الموجّهة للأطفال والبالغين لنشر المعرفة، وعلى متنها نخبة من الأدباء والشعراء المتطوعين الذين يسهمون في تنشيط الحياة الثقافية من خلال أنشطة متنوعة تجمع بين المتعة والتعلّم.
وتُقدَّم ضمن الحافلة فقرات تفاعلية مخصّصة للأطفال تشمل القراءة التشاركية، وورشات الكتابة والرسم، وفقرة الحكواتي، والمسابقات الثقافية والترفيهية، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والمدارس والفرق التطوعية في مختلف المناطق، وفق برنامج منسّق يضمن وصول الحافلة إلى أكبر عدد ممكن من القرى والبلدات.
مدير ثقافة ريف دمشق محمد إرحابي أوضح أن المبادرة جاءت في إطار توجه الوزارة إلى تقريب الثقافة من المجتمع وتعزيز حق المعرفة للجميع، مشيراً إلى أن الهدف الأوسع هو أن تصبح الثقافة حاضرة في كل حي ومنطقة، وأن تُرسَّخ القراءة والمطالعة كفعلٍ يومي وسلوك اجتماعي.
وحول الدوافع من فكرة الحافلة، بيّن إرحابي أن المشروع يحقق الاستجابة لحاجةٍ وطنية ملحّة لإعادة تصحيح المسار الثقافي بعد سنوات من محاولات التشويه والطمس التي استهدفت الوعي السوري من قبل النظام البائد، مؤكداً أن المبادرة تسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية والثقافة السورية الأصيلة، وتعريف الأجيال الجديدة بتراثها الحقيقي وقيمها الجمالية والإنسانية، تحت شعار: “ثقافة… وعي… وبناء”.
وأشار إلى أن المشروع يحظى بدعمٍ واسع من مختلف الجهات الثقافية، ولا سيما دور النشر والمكتبات التي تسهم في رفد محتوى الحافلة وإغنائه، مبيناً أن جميع التسهيلات اللوجستية والتنظيمية وُفّرت لضمان نجاح المبادرة، التي حظيت منذ انطلاقتها بتفاعلٍ وترحيبٍ كبيرين من الأهالي، وخصوصاً في القرى والمناطق الريفية.
ومن المنتظر أن تتوسع التجربة خلال الفترة المقبلة لتشمل المحافظات السورية كافة، بما يجعل الحافلة الثقافية جسراً متنقلاً للمعرفة، وأداةً لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان السوري وكتابه، وبين الثقافة ومجتمعها الطبيعي.
يذكر أن تجارب الحافلات الثقافية عرفها العالم منذ ثلاثينيات القرن الماضي بداية من المكتبات المتنقلة في بريطانيا إلى “بوك كار” اليابانية و”البيبلو بوس” في أمريكا اللاتينية، حيث تحوّلت هذه الحافلات إلى منصّات متنقلة تُعزّز القراءة والإبداع وتقرّب الثقافة من الناس، لتغدو رمزاً لتحقيق العدالة الثقافية وكسر الفوارق بين المدينة والريف.
