الشريط الإخباري

أهالي داعل.. طال الانتظار لكن المستقبل بات مضموناً

درعا-سانا

اعتاد الصديقان سليمان أبوزيد ومحمد عوير أن يلتقيا كل صباح ويجلسا أمام متجر صديق لهما على الشارع الرئيسي في بلدة داعل شمال مدينة درعا وبعد أن كان الصمت شريك جلساتهما طيلة السنوات السبع الماضية يستفيضان اليوم في أحاديث تتخللها الضحكات والشعور بالاطمئنان مع خلو البلدة من الإرهابيين إثر إنجاز مصالحة أزاحت الوجوم عن وجهها إلى غير رجعة.

ويقول أبوزيد 62 عاماً أب لأربعة أبناء لمراسلة سانا: “كل شيء تغير يكفي عندما أنام أشعر أن هناك دولة وجيشاً يحميني وأولادي”.

داعل الواقعة على طريق درعا دمشق بلدة زراعية أرضها خصبة وتشتهر بزراعة القمح والخضار واشجار الفاكهة واللوزيات ويقطنها حالياً نحو خمسين ألف نسمة بعد لجوء عشرات الأسر المهجرة قسرياً من القرى المجاورة نتيجة التنكيل بهم من التنظيمات الإرهابية.

ويضيف أبوزيد: إن العلاقات الاجتماعية التي تربط أهالي البلدة ظلت قوية: “حدثت بعض الشروخ نتيجة بعض النفوس المريضة.. نريد أن ننسى الماضي وترك الأحقاد ونرجع لإعمار بلدنا التي نعتز بها”.

أما عوير 68عاماً معلم متقاعد فيقول بوجهه البشوش: “كان لدينا منذ البداية شعور بأن هذا البلد لن ينكسر أمام كل المؤامرات ولن يهزم وسيخسر كل الذين راهنوا على سقوطه”.

ويستذكر عوير جلساته مع صديقه خلال الفترة الماضية: “صحيح كنا نلتقي يومياً لكن كانت الأعين مسلطة علينا نرى فيها نظرات الاتهام والتهديد” يأخذ نفساً عميقاً كأنه يزيح جبلاً عن صدره: “صمدنا والحمد لله وصور الحياة عادت أجمل”.

يرن جوال الحاج عوير تزداد ابتسامته يتوجه إلينا بصوت منخفض: هذا ابني ينوي المجيء ثم يكمل اتصاله، ينقل لنا سعادته بخبر قرب مجيء ولديه بعد أن علما بعودة الأمان إلى داعل ويقول أبوهشام “إن اثنين من أبنائه غادرا منذ سنوات خارج البلد وسيعودان هذا الصيف، ناطر هذه اللحظة من سنين، أحدهما تزوج وغادر له طفلة عمرها ست سنوات سأراها للمرة الأولى”.

ويبحر الصديقان في حديث جانبي مستذكرين مراهناتهما على عودة الأمان إلى البلدة يقول أبوزيد: كنت أقول لصديقي إنني متأكد أننا سنستيقظ ذات يوم ونرى العلم يرفرف فوق مبنى الناحية” بينما كان يجيبه أبوهشام : “لن يحدث ذلك في حياتنا” ثم يعود أبوزيد للحديث مجدداً كمن ظفر بكنز” ألم أقل لك أن العلم سيرتفع”.

يكتسي وجه أبي هشام مسحة من الجدية قائلاً: “كنا نستبعد ذلك لحجم الفوضى والممارسات البغيضة العدوانية الدموية، كانوا يخيفوننا وكنا نتجنبهم لذلك كنت استبعد أن نخلص منهم سريعاً وكنت أقول يا رب هل يحصل ذلك وتنتهي الحرب والفوضى وهو ما تحقق في داعل وإن شاء الله قريباً في كل سورية”.

وكأنه يريد التخفيف يقاطعه صديقه أبوزيد قائلاً: “قبل المصالحة كانت الناس تفكر من سيقتل اليوم “يغص بالكلمة” قتلوا ابن أخي أما جاري فقتلوا ابن عمه، كلنا كنا مستهدفين..”.

وبخفة دم تشيع جواً من الفرح مجدداً نظر أبوزيد إلى صديقه ضاحكاً ليقول له: “سنعيد لعب الطاولة إلى جلساتنا بعد أن حرمنا منها سبع سنوات لكن منتظرين حتى نستوعب يالي صار”.

ينضم إليهما صديق من البلدة، تتسع دائرة الأصدقاء مجدداً، الحاج علي كان يجازف أحياناً بالسهر للترفيه عن نفسه مع أصدقاء آخرين يقول: “عندما كان الإرهابيون يسيطرون على البلدة كنا مكبوتين فنجتمع أصدقاء رجال كبار بالسن نمزح نضحك لنخفف عن أنفسنا”.

يضيف: الأمور تغيرت كلياً هذه الجلسة في حال اجتمعنا كنا نجلس “خائفين قلقين لا نعرف ماذا يمكن أن يحدث في أي لحظة، في الليل كنا محرومين من الخروج إلى أرض الديار ” يتابع،  لدي حفيدتان طفلتان كانتا عند سماع إطلاق النار تختبئان أما حالياً فجميعنا نشعر بالأمن والأمان.

في الحي الجنوبي من البلدة سارع مصطفى الشريف إلى تقديم طلب لوزارة السياحة لفتح خط سفريات إلى الأردن لتوسيع عمل مكتب السفريات يضاف إلى خط بيروت حيث كان الشريف مع شريك له قبل خمسة أشهر مع أول مؤشرات المصالحة في البلدة قاما بفتح مكتب سفريات إلى بيروت،  يقول بنبرة تفاؤلية: “حالياً لدينا سيارتان تتسع كل منهما سبعة ركاب، نراقب عمليات الجيش في ريف درعا الجنوبي الشرقي وننتظر خبر الانتصار “موضحاً أنه في حال فتح معبر نصيب فسيكون جاهزاً لتسيير رحلات جديدة.

ويتابع الشريف بثقة: “كنا متيقنين أنه بإرادة الجيش والشعب سيعود الأمن والأمان، اليوم كانت أول رحلة إلى بيروت بعد انجاز المصالحة” لافتاً إلى أن المغادرين باتوا أقل حيث لم يسافر على متن السيارة التي تتسع سبعة ركاب سوى ثلاثة بينما تم حجز جميع المقاعد من بيروت ويضيف: “نتلقى العديد من الاتصالات من مغتربين في دول عربية يسألوننا عن الحجوزات وأحدهم صديقي منذ سبع سنوات لم يزر سورية سيعود خلال أيام”.

على أطراف بلدة داعل بريف درعا الشمالي تقع مزرعة عائلة أحمد الشريف مساحات من أشجار الكرمة والخوخ والدراق والزيتون يقود أحمد السيارة في أرض ترابية كانت في السابق تؤدي إلى مقرات للإرهابيين ونقاط تفتيش أقاموها لابتزاز المواطنين.

يقول أحمد: “كانوا يفرضون علينا نوعاً من المحاصصة أيام قطف المحاصيل إما أن ندفع أو يتم تهجيرنا” ينظر بارتياح إلى شجيرات الدراق والخوخ المثقلة بالثمار مضيفاً: “حالياً صار حقنا محفوظاً”.

شهيدي عجيب

 

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency