الشريط الإخباري

“أمريكان الضيعة” رواية تكشف خفايا الحياة في أمريكا

دمشق-سانا

تصنف رواية أمريكان الضيعة أو امريكان راباتو كواحدة من أهم الأعمال الأدبية للكاتب الايطالي “لويجي كابوانا” حيث تظهر الرواية مدى انخراط الكاتب في تيار الواقعية الحقيقية وهو تيار أدبي نشأ في القرن التاسع عشر وكان كتابه يدعون إلى تصوير الواقع الاجتماعي تصويرا موضوعيا وتمثيل كل طبقاته.

وأوضح مترجم الرواية نبيل رضا المهايني في مقدمتها أن مؤلف الرواية كابوانا استعمل في عمله الادبي طريقة اساسية تعتمد على تصوير الواقع تصويرا مباشرا واستقاء احداث الرواية من الوقائع الحية التي حدثت في بلد منشئه والتي اسماها في الرواية راباتو.

تركز الرواية التي جاءت ترجمتها ضمن 155 صفحة من القطع الكبير من اصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب على ظاهرة هجرة فلاحي الجنوب الايطالي إلى امريكا والتي بدأت منذ اواخر القرن 18 حيث يستخدم المؤلف قرية راباتو مسرحا لأحداث روايته وكنموذج مصغر لكثير من القرى الايطالية الأخرى التي هاجر عدد كبير من ابنائها الى بلاد العم سام طلبا للرزق والحياة الاكثر رفاهية.

وتلفت الرواية إلى ان هذه الهجرة تساهم في تحقيق نوع من الرغد المعيشي لدى العائلات التي هاجر أبناؤها وازدهار اقتصادي في القرية يقابله تراجع في الانتاج الزراعي بعد هجرة الأراضي الزراعية وإهمالها كما تخوض الرواية في تصوير الالم الذي تسببه الهجرة مثل الم الشوق للاهل ووجع الغياب وانتظار الرسائل التي تحمل الاخبار وخاصة في شخصية الام /العمة ماريكيا/ التي تبكي بصمت وتحتفظ برسائل أبنائها المهاجرين.

ولا تغفل الرواية عن وصف المجتمع الامريكي الذي يبدو مجتمعا مثاليا فيه الفرص الكبيرة لتحقيق الاحلام وجمع الثروات لكن في خباياه توجد عصابات المافيا وأعمال العنف والاستغلال التي تنتشر في العالم الخفي لامريكا رغم مغريات الحياة فيها.

وتقدم الرواية عبر 22 عنوانا فرعيا وفي لغة سهلة وسلسة عرضا لتفاصيل حياة عائلة العم سانتي لامانا البالغ من العمر سبعة وثمانين عاما والذي يعيش مع زوجة حفيده العمة ماريكيا وأبنائها الثلاثة ستيفانو العنيد ذي الصوت الضخم عكس أخيه الثاني الذي يحمل اسم الجد /سانتي/ ويشبهه في السلوك الهادئ واللطيف وكلا الاخوين يعملان في الحقل بينما اصغر الابناء مينو يذهب إلى المدرسة وهو طفل العائلة المدلل ويعرف بالسيد الصغير.

وتبدأ فكرة السفر في الرواية من شخص اسمه كارميني ليوتا الملقب بالذنب الاصلع وهو احد المهاجرين الذين اثروا في أمريكا ما جعله يشجع شباب القرية على الهجرة والعمل هناك عبر استعراض مظاهر الغنى الذي حققه في امريكا التي يصفها بارض الفرص وتحقيق الأحلام.

ويفتتن كل من ستيفانو وسانتي حفيدا /العم سانتي/ بكلام الذنب الأصلع ويقنعان الجد برهن ارضه لدفع تكاليف السفر إلى أمريكا وعندما يصلان إليها يعملان في مزرعة حيث يتمكنان من كسب المال بشكل جيد ولكن ستيفانو بدأ يسلك طريقا خطرا عندما تعرف على مجموعة من الشباب الذين يعملون مع احدى عصابات المافيا ولم يستمع لنصيحة أخيه سانتي الذي يبدي ندما شديدا لترك قريته والهجرة إلى أمريكا.

هذا حال الأخوين في أمريكا أما الأخ الأصغر مينو فانهى دراسته وبدأ يفكر في الالتحاق بأخويه إلى أمريكا وطلب منهما مساعدته في تأمين تكاليف السفر اللذين تكفلا بتأمينها.

ويتواصل الجد والأم مع أبنائهم الثلاثة الذين يعملون في أمريكا عبر الرسائل التي يرسلونها لكن هذه الرسائل لم تذكر شيئا عن ستيفانو لانه اعتقل من قبل الشرطة وحكم عليه بالسجن لمدة عام.

ونتيجة لهذه الاحداث يقرر الاخوان سانتي ومينو العودة للوطن رغم ما حققه مينو من نجاح في امريكا حيث تعلم اللغة الانكليزية وعمل في محل صرافة وكان من المرجح ان يصبح ثريا كبيرا لو بقي في أمريكا ولكنهما يعودان ويقرران العمل في زراعة ارض العائلة بعد ان اشتريا قطعة أرض جديدة.

تؤكد نهاية الرواية ان الابناء الذين هاجروا لابد ان يعودوا كما طيور السنونو ليبنوا بيوتا وحياة عائلية جميلة حيث قيم الحب والتعاون والعائلة والرابطة الاسرية وعودة مينو واخيه إلى راباتو تؤكد أن الوطن هو الاغلى والاقرب للقلب والروح مهما كانت المتاعب والمشقة التي تحملها الحياة فيه والوطن هو دائما الوطن وهي الجملة الاخيرة في الرواية جاءت على لسان الدون “باولو لامانا” شقيق الجد سانتي لامانا الذي عاد هو الاخر الى راباتو بعد اربعين عاما من الغياب ليموت في قريته كما كتب في الرسالة التي حملت خبر عودته وشاركه الجميع الرأي بأنه لا غنى عن الوطن.

يذكر أن مؤلف الرواية لويجي كابوانا من مواليد كاتانيا في جزيرة صقلية سنة 1839 وتوفي سنة 1915 من مؤلفاته جاشينتا” كان يا مكان .. حكايات ” مملكة الساحرات / رياح وعواصف / “الهروب الأخير”.

ومترجم الرواية “نبيل رضا المهايني” من مواليد دمشق 1944 خريج فرع الديكور والمسرح والتلفزيون في اكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا بإيطاليا كما اختص في علوم الرأي العام /اخراج تلفزيون وسينما/ من جامعة الدراسات الاجتماعية في روما عمل في مجالات التلفزيون والسينما في ايطاليا وترجم العديد من الكتب عن الايطالية كما أخرج كثيرا من الأفلام التلفزيونية في مختلف المجالات.

ايناس سفان

انظر ايضاً

ندوة حول رواية (وينكسر الطريق) في ثقافي أبو رمانة

دمشق-سانا تضمنت الندوة التي أقامها المركز الثقافي العربي في أبو رمانة قراءة نقدية وانطباعية