الشريط الإخباري

الحزام والطريق.. بقلم: أحمد حمادة

على مدى السنوات الماضية، كانت سورية السبّاقة في المنطقة لمدّ يدها نحو الصين، واعتمدت استراتيجية التوجه “شرقاً”، لأسباب عديدة، ربما أهمها لأن الصين كانت في مقدمة الداعمين لها في حربها على الإرهاب، والمعارضين للتدخل في شؤونها أو احتلال أي جزء من أراضيها من تركيا أو أميركا أو الكيان الإسرائيلي.

وكانت بالمرصاد داخل أروقة مجلس الأمن الدولي لكل مشاريع قرارات واشنطن وباريس ولندن المقدمة للمجلس ضد الدولة السورية، والتي حاولت تفتيتها وشرعنة العدوان العسكري عليها، وتمكنت بكين من خلال استخدامها “الفيتو” من لجم تلك العواصم، وليس هذا فحسب، بل لأن الصين كانت سداً منيعاً بوجه حملات الحصار الظالم والعقوبات الغربية الجائرة ضد سورية، وعارضتها بشدة في كل المحافل الدولية.

وهذا التوجه السوري نحوها لم يكن فقط لهذه الأسباب البديهية في العلاقات الدبلوماسية، بل لأسباب كثيرة أخرى تنبع أساساً من إدراك دمشق لماهية الدور الصيني في منطقتنا وحقيقته، وحتى على امتداد القارات، هو دور إيجابي بكل ما للكلمة من معنى.

وترى سورية أنه إضافة لكون هذا الدور إيجابياً على مستوى العالم فهو يتصاعد بشكل هادئ ومتوازن، وبخطوات مدروسة فيها مصلحة الجميع، وأن هذا الدور بات يقدِّم نموذجاً جديداً في السياسة والاقتصاد والثقافة ولاسيما أنه يقوم على مبدأ تحقيق الاستقرار والسلام والربح للجميع.

ولهذا كله كانت سورية من أوائل الدول التي شجعت مبادرتها المسماة “الحزام والطريق”، إيماناً منها بأن لتلك المبادرة أثراً إيجابياً على العالم برمته، وعلى العرب تحديداً، وعززت علاقاتها ببكين، ومن هنا جاءت زيارة وزير خارجية الصين “وانغ يي” والوفد المرافق إلى سورية مؤخراً، ومن هنا اتفقت دمشق وبكين على فتح آفاق أوسع للتعاون الثنائي في كل المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين، وبحث مشاركة سورية في مبادرة “الحزام والطريق”، لما توليه الصين من اهتمام بمشاركة سورية في هذه المبادرة نظراً لموقعها ودورها الإقليمي المهم، ونظراً لمحوريتها في الشراكة الاقتصادية الساعية لبناء ممر السكة الحديدية من باكستان إلى سورية، ومن خلال الاستثمار المشترك لبناء محطات إنتاج الكهرباء وخطوط النقل لكل الدول الواقعة على طريق الحرير.

أيضاً تدرك الصين أن سورية ومحيطها من الدول المجاورة “العربية وغير العربية” تمثل أهم الأسواق المحتملة لها، والبوابة الأمثل إلى بقية أسواق العالم المهمة، وليس هذا فحسب، بل لأن منطقتنا هي الأقرب إلى القنوات البحرية الاستراتيجية الأربع (البوسفور والدردنيل وباب المندب ومضيق هرمز)، والتي تمر عبرها معظم التجارة الصينية نحو القارات.

من هنا التقت المصالح مع المبدأ السياسي الصيني الذي يحترم سيادة الآخرين وعدم التدخل بشؤونهم لرسم ملامح مرحلة مزدهرة ومستقرة تعود بالنفع على جميع الأطراف المشاركين بها، ليس سورية والصين، بل كل دول المنطقة التي تعتمد الرؤية ذاتها.

انظر ايضاً

الحزام والطريق.. حزام أمان وطريق للتنمية- بقلم: عبد الرحيم أحمد

مع اقتراب دخول الحرب الإرهابية على سورية عامها الثاني عشر وتشديد الولايات المتحدة حصارها الجائر …