الشريط الإخباري

حصاد مياه الأمطار في إدلب.. فكرة قديمة متجددة أثبتت جدواها مع قلة تكاليفها

إدلب-سانا

توسعت فكرة حصاد مياه الأمطار وجمعها في الحقول والأراضي الزراعية في محافظة إدلب بطرق مختلفة لتأمين مخزون مائي يمكن استخدامه عند الحاجة إليه سواء للري أو لشرب الحيوانات والماشية.

وهذه الفكرة ليست وليدة هذه الأيام بل اعتمدها الأجداد منذ القدم وتمكنوا بأدواتهم البسيطة من الاستفادة منها لتأمين حاجتهم من المياه في بعض أوقات العام.

وتنبه المعنيون إلى أهمية هذا الموضوع في تأمين موارد مائية لري المزروعات وتخفيف كلف ذلك فتبلور اهتمامهم من خلال برامج عمل ومشروعات تنموية كمشروع التنمية الريفية الذي جرى خلاله تنفيذ عدة رامات وسدود مائية لتأمين مياه الري لبعض المزروعات والثروة الحيوانية في مجال عمل المشروع خلال الفترة السابقة.

وزاد في نجاح هذه العملية بحسب المتخصص في مجال حصاد المياه عبد الفتاح الشغري توافر مقوماتها من تنوع تضاريس المحافظة بين هضاب وأراض سهلية وارتفاع معدلات أمطارها التي تصل في بعض المناطق إلى 1000 مم ووجود نسبة كبيرة من الأشجار المثمرة وخاصة الزيتون التي يصل عددها إلى 14 مليون شجرة معظمها في الأراضي البعلية والتي لاتحتاج إلى مياه ري بنسبة كبيرة.

ويرى الشغري أن حصاد المياه ينجح في حقول الزيتون وخاصة في الأراضي الرملية والتي تتمتع بميل في تركيبة تربتها حيث يمكن الاستفادة من مياه الأمطار سواء بطريقة مباشرة عن طريق تمكين التربة من تخزين أكبر قدر ممكن من مياه الأمطار وتخفيف سرعة جريانها الزائد ما يقلل من انجراف التربة أو بطريقة غير مباشرة وذلك بتجميع مياه الجريان السطحي في منطقة تصريف غير معرضة للانجراف واستخدامها لأغراض الري التكميلي للزيتون.

ويشير إلى أن عملية حصاد مياه الأمطار تسهم بتثبيت التربة وحمايتها من الانجراف وتقليل سرعة الجريان وزيادة كمية مخزون مياه الأمطار في التربة وجمعها واستخدامها في الري التكميلي وقت انحباس المطر أو في الصيف.

ولتطبيق الحصاد المائي وجمع مياه الأمطار من مساحات كبيرة في الحوض الساكب وتخزينها لاستعمالها في الري لابد من معرفة ما يسمى الزراعة على مياه الجريان السطحي فمثل هذه الزراعة تتطلب حصاد مياه الأمطار حيث يستخدم ماء الجريان بعد تقليل سرعته وتشتت قوته على الجرف واضعاف قدرته على حمل عوائق التربة في الزراعة الجافة بعد نشر المياه المحصودة.

وينصح الشغري بإقامة هذا النوع في بساتين الزيتون حديثة المنشأ لحفظ التربة من الانجراف وزيادة تخزينها لمياه الأمطار ولاسيما في الأراضي التي تتصف بوجود تربة عميقة تتجاوز 100 سم وميل أرض ما بين 15 بالمئة إلى 35 بالمئة مع عدم وجود حجارة سطحية كثيرة كي لا تعيق عملية الحراثة باستخدام الآلة أو وجود تربة طينية أو كلسية.

ويبين المهندس عمر بدوي من دائرة الإرشاد الزراعي في مديرية الزراعة بإدلب أن من أساليب حصاد المياه إحداث برك صناعية أو الاستفادة من البرك الطبيعية وكذلك المساطب الترابية ضمن الحقول والتي تقام في حال وجود ميل عال يزيد على 45 بالمئة ووجود تربة عميقة مع ميل طويل للارض يسمح بإقامتها عليها مع عدم وجود صخور أو حجارة سطحية.

ويبين أن طول ميل الأرض ودرجته تؤثر في تصميم وتباعد الجدران والسواتر المحدثة بحيث كلما زاد طول الميل ودرجته تكون المسافة قريبة بين الجدران والسواتر المحدثة في حين تزداد مع قصر طول الميل وانخفاض درجته مشيرا إلى أن ارتفاع الجدار يتحدد من درجة الميل وعادة ما يكون ما بين 50 و 70 إلى 100سم أما المسافة بينها فتتراوح ما بين 20 إلى 25 م في المناطق غزيرة الأمطار بينما تصل إلى 35 م في المناطق قليلة الغزارة.

ويلفت إلى أنه غالبا ما يتم تشييد جدران حجرية على واجهتين أمامية وخلفية حيث توضع الحجارة بطريقة الفلتر بارتفاع 1 م وعرض يبدأ من القاعدة بنحو 100 سم وينتهي في الأعلى بعرض 70 سم على أن يتم حفر أساس للجدار بعمق ما بين 25 إلى 30 سم كما يمكن إنشاء حواجز ترابية على المجاري المائية داخل المزرعة الهدف منها تجميع مياه الأمطار التي تسير من خلال تلك المجاري المنتشرة في المزرعة والهدف منها استعمالها في الري في الحالات الحرجة.

ويبين بدوي أهمية اعتماد حصاد المياه خلال الفترة الحالية من العام والاستفادة من مياه الأمطار والتي تشكل مخزونا مائيا للكثير من الزراعات خاصة أن العمل الزراعي يمثل نشاطا رئيسيا في المحافظة ويلعب دورا في الحياة الاقتصادية لاسيما أنه يسهم بأكثر من 28 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي فيها.

ويؤكد بدوي متابعة وإشراف دائرة الإرشاد الزراعي لأعمال المزارعين وتعاونها وتفاعلها معهم من خلال تواجدها في جميع مناطق المحافظة عبر 80 وحدة إرشادية و7 وحدات داعمة لاسيما في ظل تنامي الحاجة لتقنية حصاد الأمطار للتخفيف من كلف الري والتي أثبتت جدواها في إكساب التربة خصوبة وتأمين مخزون مائي يكفيها حتى وقت متأخر من العام.

تقرير: زياد طالب