صمت المبادرات السورية

بصمت كامل تقدم سورية «القيادة السورية» مبادراتها لحل الأزمة فيها. والأمر متوازن مع طبيعة الحال. القضية قضيتها ولا تقبل بالنسبة لها أن توضع في سوق الكلام ومزادات الاعلام والاعلان.
هذا بالإضافة إلى ما اشتهرت به الدبلوماسية السورية من الحصافة والابتعاد عن التصريحات عند كل شاردة وواردة. لعل ذلك يحبط الاعلاميين غالباً، فتكثر بينهم تعليقات النقد والاستهجان. ربما هناك بعض الموضوعية في الرؤية الاعلامية المستغربة لصمت هذه الدبلوماسية… لكن ليس في الأزمة الحالية… والتي هي أعقد وأصعب ما واجهته سورية في تاريخها. الاعلام أحد أهم أسلحة الحرب القائمة على سورية. وبالتالي حيث يؤخذ كل شيء بحالة ليس من ازدواج المعايير وحسب… بل فقدانها…!! تكون المبادرات صامتة… والحديث عند اللزوم فقط.‏
هل ثمة مبادرة سورية أعلم عنها ولا أقول؟‏
نعم… لكنني سأقول.‏
رغبة القيادة السورية في مبادرات سلمية توصل إلى حل سياسي للواقع القائم أكيدة. والدليل عليها قائم دائماً. وفي مقدمته :‏
أولاً – أن هذه القيادة لبت كل المحاولات والمبادرات والعروض وسهلت لها. منذ بعثة الفريق الدابي وحتى اليوم، مروراً بمؤتمر جنيف. ولعل تخليها الكامل اللافت في جرأته ودقته عن السلاح الكيماوي : كان آخر هذه الاستجابات الفعلية للمبادرات التي طرحت.‏
ثانياً – في مقدمة المبادرات ذات القيمة التي طرحت وفي طياتها امكانية وجود حل، كانت مبادرة الرئيس الأسد المعلنة رسمياً، لكنها رفضت تلقائياً لأن العالم في حربه على سورية يومها انشغل بأكاذيب الانتصارات فجمد منهم السمع والبصر والفؤاد عند عبارة «التنحي».‏
هل يعني ذلك أن تلك هي المبادرة التي أزعم علمي بها؟‏
غير بعيد عنها أجيب : لا…‏
ثمة من يتحدث اليوم عن امكانية بث الروح في اتفاق جنيف 1. لكن ذلك يواجهه التحدي الذي وقف جنيف عنده؟ هو تحدي قراءة ما نصت عليه وثيقة جنيف إذ كل طرف يقرؤها من حيث يريد. المبادرة الاستجابية السورية لجنيف 1 كانت أن البند الأول وقف العنف وذلك هو البند الأول أيضاً في مبادرة الرئيس الأسد. وبالتالي من الطبيعي أن تتمسك به سورية وهي ترى فيه : أن وقف العنف يقتضي بالضرورة القضاء على الارهاب. وإلا من الذي يضمن أي وقف لأي عنف أو استخدام للسلاح والقتل والتخريب؟‏
أيضاً ليس الموقف السوري من وثيقة جنيف 1 هي المبادرة السورية التي أعلم عنها؟‏
لقد أسست سورية بالفعل وعلى الأرض لمبادرة عملية يدور العالم الآن حولها وعندما سيجد هذا العالم أن لامناص من التعامل معها، سيجد سورية هي الركن الأساسي المبادر.‏
إنها مبادرة الحرب على الارهاب…. وهي الحرب التي يشنها اليوم الجيش العربي السوري ومنذ كان الإرهاب. هي المبادرة القابلة اليوم لتغيير الوضع والوصول به إلى الخيار السياسي ولاسيما أن العراب «أوباما» قد أعلن صراحة ما يشبه فقدان الأمل من المعارضة التي ساهم بيد في تصنيعها… وباليد الأخرى غطى الخلل فيها. والأهم من ذلك اليوم: ليست سورية وحدها التي تحتاج أولوية الحرب على الإرهاب.‏
بقلم: أسعد عبود