“قصف تمهيدي” تحضيراً للتفتيت!

ربما كانت المقولة، التي أطلقها المفكر الإنكليزي توماس هوبز منذ القرن السابع عشر، وخلاصتها: “الإنسان ذئب أخيه الإنسان”، هي أكثر ما ينطبق على عالم اليوم عموماً، وعلينا في سورية بصورة خاصة، وبالتحديد بعد أن أخذ مسار الحرب، عليها ومعها، شكله التنظيمي المتمثل بـ “إئتلاف أوباما”.

وربما كانت المقولة الأخرى، التي أطلقها منتصف القرن الماضي، كاتب إنكليزي آخر هو “جورج أورويل”، ومضمونها: “عندما يغدو التزوير والتزييف عملاً جماعياً، يصبح الجنون هو أن تعتقد أن الماضي غير قابل للتبديل”. هي أكثر ما ينطبق على أعضاء الائتلاف المذكور وهم يحاولون، بالتزوير والتزييف، تبديل ماضيهم وحاضرهم الإرهابي، وتبييض سجلهم الجنائي الحافل بالجرائم المشهودة.

فالذئاب، التي ما برحت تتلمظ شفاهها من حولنا منذ نحو ثلاثة أعوام ونيف، تحاول اليوم إخفاء نفسها بساتر رقيق من الأكاذيب يكاد يتمزق عند أي محاولة جديدة للتلحف به، وأكبر مثال على ذلك  استقبال، إنكليزي ثالث، هو “ديفيد كاميرون”، لعربي..!! هو أمير قطر في الأيام المقبلة لمناقشة سبل مواجهة “داعش”..!!، فيما تضج وسائل إعلام “بريطانية” بحقيقة أن ضيفه هو أحد أكبر ممولي الإرهاب وداعميه، وتطالبه “الصنداي تلغراف” مثلاً بأن يقول له: كفى، وفي ذات الوقت يسعى عرب، تصنفهم الصحيفة ذاتها في خانة كبار ممولي الإرهاب، لاستضافة مؤتمر للحد من تجنيد “الجهاديين”..!!، فيما بعضهم، بل أغلبهم، موّل “داعش” وينسق اليوم مع “إسرائيل” و”النصرة” لتحقيق نصره..!!.

أما الأمريكي، “باراك أوباما”، فقد اتضح مؤخراً أنه، كما قال، يعمل بجد..!! لتحديد هوية من يشتري نفطاً من “داعش”، وكأن عملية البيع والشراء هذه تتمّ في كوكب مجهول، وليس في منطقة محددة تراقب فيها أقماره الصناعية البائع والشاري والوسيط، وحتى الطريق والناقل والمستهلك النهائي، والمصرف الذي تتمّ من خلاله العملية بكاملها.

ما سبق كله، أي ما يفعله الإنكليزي والأمريكي و”العرب”، لديه هدف، وهو لا يقتصر فقط على تبييض سجلهم الجنائي، فهذا أمر ثانوي في ظل “مجتمعهم الدولي”..!!. بل، والأهم، توجيه التمويل للهدف المحدد سابقاً: تدمير المنطقه وتفتيتها، وفي هذا الإطار من المهم ملاحظة إدارة هؤلاء “الذئاب” لمعركة “عين العرب”، بدءاً من السماح لـ “داعش” باستباحتها بالتواطؤ مع التركي، مروراً بالخلاف المريب بينهم حولها، ثمّ دخول بعض أتباعهم “السوريين” على خط إنكار مساندة الدولة السورية لها، وصولاً إلى مسرحية إلقاء الأسلحة من قبل “المخلّص” الأمريكي، ثم التغطية الإعلامية المكثفة والمريبة لقصتها، وعين العرب تستحق أكثر من ذلك، لكن إعلامهم عوّدنا على الحذر من اهتماماته وتوجهاته، وذلك كله، بالمجمل، “قصف تمهيدي” تحضيراً للتفتيت والتقسيم الذي يعملون عليه في المنطقة كلها، وهو ما تؤكده وقائع الحرب القديمة-المستجدة ضد الجيشين اللبناني والمصري، بعد السوري والعراقي والليبي، ولاحقاً الجزائري، باعتبار أن إنهاك هذه الجيوش وضربها يساهم في ذلك.

وبالمحصلة، هي معركة طويلة الأمد، وعلينا أن نوطّد أنفسنا على ذلك، لكن المشكلة الأكبر أن هؤلاء “الذئاب” ينسقون خطواتهم فيما بينهم، فيما ترتفع أصوات، حتى من ضمن قائمة المستهدفين، ترفض أن تنسق البلدان المتضررة بين بعضها البعض، متذرعة بحجج لا يقال في تهافتها سوى أنها خائبة ومريبة أيضاً، رغم أن التاريخ، وهو خير معلم، يقول: إن نصر “تشرين” ما كان له أن يتحقق إلا حين نسّق جيشا سورية ومصر فيما بينهما، وإن جيش “صلاح الدين” الذي هزم “الفرنجة” كان مكوّناً من جيوش مصر وبلاد الشام بكاملها.

فهل يعتبر البعض، ويؤمن أن الخلاص الوحيد هو بوحدة هذه الأمة؟، وعلى الأقل بالتنسيق الجدي والفاعل بين جيوشها، وهذا أضعف الإيمان، كما يقال.

أحمد حسن

انظر ايضاً

الجولان في القلب بقلم: طلال ياسر الزعبي 

بعد مرور واحد وأربعين عاماً على قراره ضمّ الجولان العربي السوري، هل استطاع الكيان الصهيوني …