لندن-سانا
في الوقت الذي بدأت تتكشف فيه الأهداف الحقيقية للحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة بحجة القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي تزايدت الانتقادات والتساؤلات المطروحة من قبل الصحافة البريطانية حول مدى نجاح الضربات الجوية التي يتم تنفيذها في اطار ما يسمى “التحالف الدولي” والدور الذي تلعبه أوروبا فيها رغم عدم وجود أي استراتيجية بهذا الخصوص.
وفي إشارة إلى الفشل الواضح الذي منيت به حملة الإدارة الأميركية المزعومة للقضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي وتحقيقها نتائج عكسية خطيرة تمثلت بتوسع الهجمات الإرهابية التي ينفذها التنظيم المذكور أكد الكاتب الصحفي ديفيد تايلور في مقال نشرته صحيفة التايمز البريطانية أن جميع المعارك التي يخوضها الرئيس باراك أوباما بحجة القضاء على الإرهاب هي “أقرب للفشل منها إلى النجاح “.
وفي مقال حمل عنوان “أوباما يواجه ثلاث معارك يصعب ربح أي منها” أوضح تايلور أن الرئيس الأمريكي الذي شكل تحالفاً بحجة شن ضربات جوية على تنظيم /داعش/ الإرهابي والعمل على القضاء عليه يواجه سؤالاً واحداً يطرحه العديد من الأشخاص ألا وهو “لماذا لم نربح الحرب بعد”.
واعتبر تايلور أن أوباما يواجه ثلاث معارك أولها التخلص من تنظيم “داعش” الإرهابي مشيرا إلى “أنه على الرغم من شن هذه الضربات الجوية إلا أن التنظيم الإرهابي مازال مسيطراً على أرض المعركة”.
وسخر تايلور من النتائج التي حققتها حملة واشنطن العسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي متسائلا عن جدوى انفاق مبالغ طائلة على هذه الضربات التي لم تنجح حتى الآن إلا في تفجير شاحنة تابعة للتنظيم المذكور أو قتل بعض من إرهابييه.
وأوضح تايلور أن المعركة الثانية التي يواجهها أوباما تتمثل في التوصل إلى حل في العراق معتبرا أن “بناء وحدة سياسية في العراق يعد مفتاح الحل” أما المعركة الثالثة فيرى الكاتب البريطاني أنها في سورية مشيرا إلى أنه ما من أحد يعتقد أن بإمكان الإرهابيين الذين تطلق عليهم الولايات المتحدة اسم “المعارضة المعتدلة ” التغلب على تنظيم /داعش/ الإرهابي إلا في حالة واحدة تتمثل في “بناء تحالف بين جميع المعارضين” على حد قوله.
ويندرج في مصطلح “المعارضة المعتدلة” العديد من التنظيمات الإرهابية التي تتقاطع في الغايات والأساليب مع تنظيم “داعش” الإرهابي الذي تزعم واشنطن محاربته.
وإلى جانب الانتقادات المتزايدة التي يواجهها أوباما بشأن الضربات الجوية التي أثبتت فشلها في وقف تنظيم “داعش” الإرهابي وما يرتكبه من جرائم مروعة في سورية والعراق يؤكد خبراء ومحللون أن ما يسمى “التحالف الدولي” الذي شكلته واشنطن ضد هذا التنظيم ما هو إلا كذبة كبيرة وذريعة لتدخل الولايات المتحدة في المنطقة بشكل علني وصريح.
وقد انتقدت بعض الصحف الأمريكية تحرك أوباما العسكري ضد تنظيم “داعش” الإرهابي حيث رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في مقال نشرته مؤخرا أن أوباما أدخل الولايات المتحدة في حرب واسعة قد تستمر طويلا دون استشارة الامريكيين ودون الحصول على موافقة الكونغرس.
وحول تورط أوروبا في الحملات العسكرية الأمريكية واتباعها إملاءات واشنطن بغض النظر عما تحمله من انعكاسات خطيرة على المجتمع الاوروبي قالت صحيفة الغارديان البريطانية في مقال رأي أعدته الكاتبة ناتالي نوغيردي إن أوروبا انضمت إلى ما يسمى “التحالف الدولي” الذي شكلته واشنطن ضد تنظيم “داعش” الإرهابي لكنها لا تملك أي استراتيجية واضحة لتحركها الجديد.
وفي مقال حمل عنوان “الأوروبيون انضموا إلى الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم داعش .. فماذا بعد ” حذرت نوغيردي الدول الأوروبية من ترك واشنطن تحدد بمفردها استراتيجية مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي مشيرة إلى أن الحرب الدائرة ضد التنظيم تدور بجوار القارة الأوروبية.
وأشارت نوغيردي إلى أن الدول الأوروبية الخمس التي شاركت حتى الآن في الحملة الجوية ضد التنظيم الإرهابي لديها قاسم مشترك واحد وهو الخوف من ظهور شبكات وعقائد متطرفة في مجتمعاتها.
ونبهت نوغيردي إلى أن أوروبا ستظل تواجه تبعات ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط بصورة أكبر من الولايات المتحدة فبحكم قربها من المنطقة تشعر أوروبا بتأثيرات الأزمة الإنسانية التي تشهدها وتواجه تدفقا للاجئين كما أنها تواجه خطر تزايد أعداد شبابها المسافرين إلى سورية للانضمام إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.
وبالعودة إلى الضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة بالاشتراك مع دول اقليمية راعية للإرهاب اشار الكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية دان روبرتس إلى أن المسؤولين الأمريكيين يصرون على ادعاءاتهم بان الحملة العسكرية تسير على الطريق الصحيح رغم الأحداث والحقائق التي تظهر تمدد تنظيم “داعش” الإرهابي أكثر فأكثر واتساع اعتداءاته وهجماته الإرهابية.
وأوضح روبرتس أن الحملة الأمريكية المزعومة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق تواجه أزمة متزايدة في الثقة وانتكاسات في ساحة المعركة بالتزامن مع جهود أمريكية رامية إلى تحسين التنسيق بين حلفاء واشنطن ودعوات لتصعيد الهجمات العسكرية.
ومع استمرار التقارير الإخبارية والوقائع الميدانية التي تكشف عدم جدية الولايات المتحدة بحملتها في القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي بدأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى مؤخرا محاولات التنصل من وعود القضاء على هذا التنظيم واعترف بمحدودية الغارات الجوية التي تشنها بلاده وحلفاؤها وعدم فاعليتها.
وسبق أن سوقت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” بأن الغارات الجوية وحدها التي يشنها الجيش الأمريكي وحلفاؤه ضمن ما يسمى “التحالف” لن تتمكن من القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق وذلك في محاولة منها للترويج لتدخل عسكري أمريكي بري.