بين الزيتون والزيتون.. و«داعش» و«دامس»!

ما بين مدينة الزيتون التونسية وحيّ الزيتون الغزاوي، مسافة ديمقراطية ربيعية زائفة وفاصلة تتجاوز سنوات الحدود من عمر الربيع الليفي، وهندسة الفوضى «الخلاقة»..
ومع الأهداف المتعارف عليها، لم تعد الأخبار تضنّ بمعطياتها، وسبل تنفيذها، وكيف جاءت على بحر الربيع الدموي الهائج الذي غزا الأراضي العربية تحت عنوان «التغيير» المحمول على الرياح الأمريكية – الصهيونية التي ارتأت أن تهبّ على المنطقة العربية تحت هذا المسمّى، بدءاً من مدينة الزيتون التونسية التي هلّلت، وليبيا التي ما إن ارتفعت فيها الأيدي الفرنسية والبريطانية، والأمريكية والصهيونية مبتهجةً بانتصار ثورة الإرهاب «الناتوية» حتى بدأت تلك الأيادي نفسها تستعجل مغادرة رعاياها، وإغلاق سفاراتها هرباً من الديمقراطية التي خطّطوا لانتشارها برعاية الماسونية العالمية الحصرية.
فالمنطقة اليوم، على فوهة بركان الفوضى، تغلي على لهيب التحالفات والمحاور السياسيّة والسيناريوهات المبيّتة التي مازال العقل الغربي يتفنّن فيها على واقع، وآخر لم يكن يحسب له حساباً، ضمن المخططات المرسومة والمعدّة لتفتيت المنطقة كاملةً، والقضاء على كلّ عناصر البقاء والمقاومة فيها، بخلق حالة مخاض جديد، خدمةً لأمن «إسرائيل» وفجور عدوانها على الشعب الفلسطيني أولاً، وما تحالفت به في مؤامرة الربيع الليفي ثانياً، والقاسم المشترك بين ما تفعله أصالة الدم الإنساني المسفوح على موائد المصالح والطمع في تقسيم هذه المنطقة برمتها.
صمود الدولة السورية، جيشاً وقيادة وشعباً، قلب موازين السيناريوهات، والمقاومة الفلسطينية أعدّت لقلب المعادلة، ومن ورائها مَنْ صنع للمقاومة حضوراً.. فلم تعد لعبة المحاور الدموية تعرف على ماذا سترسو دعائمها، وما التفافها وعدوانها على غزة إلا بعض من كسب أدوار، لم تعد تعرف إلى أين ستؤدي، وآلاف الأطفال شهداء وجرحى، من دون وازعٍ من ضمير أخلاقي إنساني غربي- عربي يدرك إلى أين هذه الجرائم الوحشية سائرة، وفي أي اتجاه، وكيف، ومتى ستضع هذه الحرب القذرة أوزارها في لغة التقسيمات والمصالح والتفاهمات.
ما بين الزيتون.. والزيتون لوائح دم، ومجازر، وخراب، وأوابد تمحو هويةً وترسي هويات، وحواضن وأُجراء، وممولون، وخلط أوراق في معركة المصير الإنساني العربي.. وما بين المحيط والخليج، دواعش، ودوامس، والإرهاب الصهيوني يركب على ظهور الجمال العربية التي يرى أصحابها أن وجودهم مرتهن ومرتبط بوجود «إسرائيل» ودوام بقائها، وأن فيلسوفهم الليفي، مهندس الثورات العربية المزيفة، هو أفلاطون مدنهم الفارغة قريباً من عروشها، لتصبح ممالك من دون «آلات»، بعد أن باعوا أنفسهم للشيطان.
بقلم: رغداء مارديني