الروائي مفيد عيسى أحمد: الأدب يشكل مصدرا مهما لدراسة الشعوب

طرطوس-سانا

يرى الروائي والكاتب مفيد عيسى أحمد أن علاقة السياسة بالأدب علاقة قديمة لكن هذه العلاقة يحكمها التجاذب موضحا أن التحولات الكبرى والأحداث التي شهدتها المجتمعات البشرية كانت تترافق دائما مع تغيرات في السياسة والاقتصاد وبالتالي مع تحولات ثقافية.
وأشار في هذا السياق الى ملحمة جلجامش والألياذة والأوديسة وانبثاق تيار السوريالية عقب الحرب العالمية الثانية والذي أسس على الدادائية التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى كرد فعل على عبثية الحرب وجنونها إضافة إلى ما أفرزته الحرب العالمية الثانية بما يسمى تيار العبث في الأدب والفن.
وفي محاضرة له ألقاها اليوم في المركز الثقافي في صافيتا بعنوان “السياسة والأدب..جدلية العلاقة والتأثير” قال الكاتب أحمد إن علاقة الأديب بالسياسة تختلف وفق معطيات الواقع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤثر في الفاعلية الإبداعية إضافة إلى الظروف الأخرى كالسقف المتاح للكتابة والإبداع.
واعتبر أن النصوص التي يكتبها مبدعون لا ينتمون للحضارة الغربية حتى وإن كانت تشتغل على الخاص والفردي والجواني هي ولاشك تحمل دلالات تعكس بعدا سياسيا للوجود الإنساني يتجلى غالباً بواسطة الترميز والمداورة.
ويعتبر أحمد أن السياسة تشكل جزءا أساسيا من الثقافة في نتاجها الأدبي والفكري والفني وهذا ما تجلى في النظريات والمدارس الأدبية ذات المرجعيات السياسية المعروفة من الشكلية الروسية إلى الظاهراتية والتفكيكية بل حتى النظرية الواحدة اختلفت باختلاف المنظرين المساهمين فيها كالبنيوية التي انقسمت إلى مدرستين على أساس أيديولوجي.
ويفرق الأديب أحمد بين الأدب السياسي والسياسة في الأدب فالأدب السياسي برأيه هو ذلك الذي يعني ينظرية سياسية معينة بتوجه أيديولوجي وهو قد يتطرف ليصل إلى حد ما يمكن تسميته الأدب الدعائي الذي يحاكي السائد سياسيا فقط دون أن يهتم بالآراء الأخرى وهو أدب لابد أن يفقد قيمته في حال كانت له قيمة مع انحسار التيار الأيديولوجي الي يدافع عنه كرواية الأم لمكسيم غوركي والعقب الحديدية لجاك لندن أما تلك الأعمال الأدبية التي نتلمس فيها بعدا سياسيا فهي كثيرة ولا يكاد يخلو عمل أدبي من ذلك.
وفي سياق الدور غير المباشر للأدب في السياسة يقول أحمد إن الأدب يشكل مصدرا مهما لدراسة الشعوب وهو أمر ضروري في أسس اتخاذ الخطوات السياسية وصحة اتخاذ القرار مشيرا في هذا السياق إلى استثمار الغرب للأدب العربي من خلال الاستشراق حيث عمل الغرب منذ القرن التاسع عشر على دراسة الموروث والنتاج العربي وذلك لمعرفة الخصائص العربية النفسية والعقلية الاجتماعية والثقافية وذلك لخدمة أهدافه السياسية في المنطقة وأقام لذلك مدارس مختلفة وأرسل علماء وبعثات وأنفق مبالغ طائلة وقد نتج عن ذلك دراسات كثيرة بعضها نشر وبعضها لم ينشر لأنه أعد لأهداف لا تسمح بنشره.
وتوقف المحاضر عند علاقة السياسة بالأدب وتقاطعهما عند الأشخاص لا النصوص فقط حيث نجد أدباء تبووءوا مناصب سياسية كـ “ليوبولد سنغور” الشاعر السنغالي الذي أصبح رئيساً للسنغال ونزار قباني وعمر أبوريشة وتوفيق يوسف عواد ومانع سعيد العتيبة وغيرهم مشيرا إلى النزعة للكتابة التي تتملك بعض السياسيين بكل درجاتهم.
وختم الكاتب بالإشارة إلى أن علاقة الأدب بالسياسة كانت موضوعاً لكثير من الأبحاث والدراسات والآراء وقال إن التداخل بين الأدبي والسياسي يفرض تغيرا في الخطاب البنية واللغة والدلالات فالنص الأدبي قد يتحول إلى خطاب دعائي مباشر حينذاك تبدو الدلالات مجدبة فقيرة ومحدودة تأخذ منحى الاصطلاح أما في حال طغى الأدبي في النص السياسي فانه يتحول إلى خطاب ملتبس بلغة فضفاضة ودلالات مترهلة.
يذكر أن الأديب والروائي مفيد عيسى أحمد حصل على العديد من الجوائز الأدبية وله مجموعتان قصصيتان “البطل في وقفته الأخيرة” و”ثلاثة نداءات وتصبح نجمة ورواية “الماء والدم” إضاقة إلى رواية قيد الإنجاز بعنوان “الدوار الجنوبي”.

انظر ايضاً

الروائي عبد اللطيف: الكتابة تستلزم شجاعة لا يملكها إلا من يعرف التحدي

طرطوس-سانا يعتبر الروائي علم الدين عبد اللطيف حالة ما قبل الشروع بالكتابة حالة اختمار الفكرة …