الروائي عبد اللطيف: الكتابة تستلزم شجاعة لا يملكها إلا من يعرف التحدي

طرطوس-سانا

يعتبر الروائي علم الدين عبد اللطيف حالة ما قبل الشروع بالكتابة حالة اختمار الفكرة والشكل الهندسي للعمل الأدبي وأن البداية والشروع في الكتابة تستلزم شجاعة لا يملكها إلا من يعرف تحدي الذات في إنجاز ما يعتمل في الذهن وتحويل العالم المكثف والمختصر في المخيلة ‘لى عالم متحرك وحي.

ويوضح خلال حديث لـ سانا الثقافية أن مرحلة ما قبل الشروع بالكتابة لا تقل خطورة عن لحظة البدء فالمراجعة وإعادة النظر والحذف والإضافة هي عمل شاق ويبقى النص في حالة عدم اكتمال وخاضعاً للتعديل طالما بقي بين يدي الكاتب لافتاً إلى أن هناك من الكتاب من يستعجل إصدار النص ليتخلص من تبعة المراجعة والتفكير الدائم به ومنهم من يتأنى ويتمهل وبمجرد خروج النص إلى المطبعة يصبح ملكا للقراء وليس لصاحبه.

ويرى عبد اللطيف أن الخصائص التي تقوم عليها الرواية هي الالتزام بأدوات كتابتها بالخصوصية الفنية والمعيارية وإن كان شكل كتابة الرواية قد تطور في العالم بعد قرنين تقريباً من ظهورها كشكل أدبي وتجنب الخلط بينها وبين التاريخ أو الشعر أو الفكر والفلسفة لأن الكتابة التي لا تلتزم بالمعايير والخصوصية هي ليست كتابة روائية وان أطلقوا عليها اسم رواية ربما كانت روايتهم لكنها لن تكون رواية العالم.

ويرى أن الحكم على تجربة الأديب أو الروائي هو أمر بالغ التعقيد في بلادنا فلا توجد في سورية مؤسسات نقدية متخصصة لأكاديميين يمتهنون النقد ولا توجد فيها دوريات أو وسائل إعلام متخصصة بالنقد كما في مصر مثلاً أو الجزائر والمغرب كما أن وصول الكاتب إلى الناس أيضاً هو من الصعوبة بمكان ودور النشر العامة وزارة الثقافة -اتحاد الكتاب العرب هي غير قادرة كما يبدو على تبني الأعمال الإبداعية للكتاب السوريين .

ويعتبر أن معظم المحاولات النقدية التي تتم عندنا هي أقرب إلى القراءة الانطباعية لعدم صدورها عن متخصصين في النقد لذلك تبدو مسألة الحكم على الأديب شائكة وربما ظالمة له أما تقييم الأديب أو الكاتب بحسب عدد إصداراته فهو مصادرة على الأدب ذاته ونحن نعرف أن بعض أدباء العالم المهمين لم يكتب وأحدهم إلا رواية واحدة مثلاً.

وعن علاقة مهنته المحاماة بما كتب من روايات قال: مهنة المحاماة لم تكن رافداً إبداعياً في كتاباتي الروائية واعتقد من الصعب أن تكون كذلك لمعظم الكتاب بسبب الفرق النوعي والبنيوي بين الأدب والقانون لكن مهنة المحاماة علمتني فيما يختص بي على الأقل ثقافة محاكمة الحدث ومحاكمة الحالة التي أضع ذاتي بمواجهتها ومحاكمة نفسي ومساءلتها عما أكتب كمسؤولية شخصية وإبداعية.

أما النقد بحسب رأي الكاتب فهو عملية إبداعية لكنه تخصصي بالدرجة الأولى وله مدارسه ومناهجه على مستوى العالم واعتقد أن القليل عندنا يعرفون ما يكفي عن المدارس النقدية العالمية بسبب ضعف حركة الترجمة في بلادنا وبسبب غياب المرجعيات المتخصصة بالنقد  لذلك تبدو المحاولات النقدية مجرد قراءات شخصية ولا ترقى إلى مستوى النقد الأكاديمي مع الأسف.

كما أكد أن أي عمل إبداعي لا يصدر عن الواقع أو يحاكيه هو عمل ذاتي داخلي يخص صاحبه فقط فالواقع هو مصدر كل إبداع والفكر أساساً كبنية فوقية هو انعكاس عن الحراك التاريخي بمعنى أن الحالة تكون متحققة أصلاً ويأتي الإبداع محاذياً لها أو موسيقا مصاحبة للحدث.

أما عن الكتابة عن واقع الأزمة الحالية فقال إن معظم الكتاب يتريثون ويترقبون وينتظرون إذ أن الواقع الذي سيقول كلمته في النهاية هو الذي سيرسم شكل الحراك الثقافي والإبداعي هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن المزاج العام يبدو غير ملائم للكتابة ولا للقراءة لكون البلد في حالة عصيبة وعسى أن يتكلل خروج سورية المتجددة والمتوالدة بتجدد الحراك الإبداعي وتوالده.

وعن اهم  أعماله قال عبد اللطيف إن “أحلام الزمن المتوسط” هي أولى رواياته صدرت في 1997 عن دار عروة للطباعة والنشر ومدارها العلاقة بين الأجيال جيل المتنورين والرواد وجيل التجديد ثم جيل الهم الاجتماعي وأهمية الموضوع هو باجتماع ممثلي هذه الأجيال في قرية صغيره في سورية ما يعني وجودهم واجتماعهم في عموم سورية ويكون حراكهم ونشاطهم بحجم الوطن لكن انكسار أحلامهم جاء متزامناً مع انكسار الحلم العام.

أما “قمر بحر” فهي روايته الثانية صدرت عام  2002 وتقوم على رصد علاقة عاطفية من الداخل بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة وامتناع إتمام الزواج شرعاً في القانون وتحكي قصة تراجع وانهزام المقولات الكبيرة أمام الواقع والعجز عن تجسيد الشعارات في نمط السلوك أو الممارسة لافتاً إلى أن أهمية الرواية تكمن في تقنياتها المستحدثة.

ويتناول الكاتب في روايته الثالثة السور والعتبات التي صدرت عن دار الحوار باللاذقية عام  2007 فترة مهمة من تاريخ سورية هي الفترة التي ابتدأت بالانقلابات وتحفل بالسجالات التي كانت تدور بين المشتغلين بالسياسة في ذلك الوقت.2

كما قام الكاتب بإعداد دراسة عن القصة القصيرة في طرطوس منذ ستينيات القرن الماضي وحتى صدور الدراسة وفيها تناول بالتحليل والدرس عشر قصص لأدباء من طرطوس وركز فيها على دراسة أساليب البناء القصصي في طرطوس التي كانت سباقة بعدد الأدباء الذين كتبوا وأصدروا في مجال القصة القصيرة .

وفي كتابه “إسلام سياسي..إشكالية الرؤية” تناول عبد اللطيف حديث الساعة وأهم الحركات الدينية في الإسلام ومستقبل الإسلام السياسي وأهمية الموضوع انه كتب قبل انتشار موجة التطرف التي تتستر بالدين .

غرام محمد

انظر ايضاً

الروائية راغدة خوري..نتاج روائي واسع يغني المكتبة العربية

اللاذقية-سانا تتميز الروائية راغدة خوري بغزارة نتاجها الأدبي والمترجم على حد سواء وتمتلك تجربة إبداعية …