الشريط الإخباري

“الإبادة” من الأرمن إلى شعب اليمن-البعث

بعد ساعات معدودة تحل الذكرى المئوية الأولى للإبادة الأرمنية على يد سلاطين بني عثمان، الذين لم يكتف “حفيدهم” الحالي برفض الاعتراف بجريمة أجداده والاعتذار عنها، سائراً في هذا المنوال على خطا جده “طلعت باشا” الذي قال يوماً عن الإبادة: “نعلم أننا ارتكبنا أخطاء بيد أننا لن نشعر بالندم يوماً”، بل يحاول، “الحفيد”، اللحاق بأحفاد الناجين، وأحفاد السوريين الذين احتضنوهم حينها، ليكمل العمل الإجرامي الذي وصفه حينها سفير الولايات المتحدة لدى السلطنة العثمانية “هنري مورغنتاو” بأنه “حملة إبادة عرقية تحت ستار قمع التمرد”، وهو موقف متقدّم على موقف إدارته التي ترفض، حتى اللحظة، استخدام تعبير “إبادة” رغم وعد “باراك أوباما” بذلك، خلال حملته الانتخابية عام 2008.

وبالطبع ليس من النافل، في هذا المجال، إعادة التأكيد على أن الشعب الأرمني ليس ضحية جريمة “الإبادة” فقط، بل هو أيضاً ضحية الصمت الدولي ومصالح الدول التي تتشدق بالعدالة، فيما سكينها ينغل بعيداً في جسد البشرية، ولأن جريمة واحدة دون عقاب تفتح الباب أمام جرائم أخرى، بحسب سياسي أرمني، فإن عدم اعتراف المجرم واعتذاره عن أول مجزرة كبرى في القرن العشرين، كما وصفها “البابا فرنسيس”، شجع نظراءه في المنطقة والعالم على ارتكاب جرائم إبادة أخرى، وسط صمت دولي قاتل، بل بتشجيع لافت من “كارتلات” السلاح العالمية، وفي هذا المجال فإن السلوك السعودي المؤجج للحروب في المنطقة بجانب “الإبادة” التي تمارس حالياً ضد الشعب اليمني بأسلحة أمريكية متطوّرة، سيحقق، بحسب “نيويورك تايمز”، “ازدهاراً وطفرة كبيرة للتعاقدات الدفاعية الأميركية”، وهذا يعني ببساطة أن الصفقة واضحة، حوّلوا الدماء إلى دولارات تُضَخُ في شرايين مجمّعاتنا الصناعية العسكرية وأخذوا الدعم والمساندة.

وعلى غرار عصبة “العدالة والتنمية” في تركيا، التي لم تتورع حتى عن اتهام شخصية بوزن “البابا فرنسيس” بـ “الهذيان” والانضمام إلى “مؤامرة جبهة الشيطان” لمجرد مطالبته بالاعتذار عن “الإبادة”، فإن عصبة آل سعود توزع، بصورة عُصابية، الاتهامات والتهديدات ليس لمن يعارض جرائمها فقط، بل لمن يقف على الحياد أيضاً، وهذا تصرف نابع من شعور داخلي بأن “مغامرتها اليمنية” هي معركة وجود مادي للعائلة الحاكمة ذاتها، ولذلك لم تكتف “العائلة” بالوجه المعروف للإبادة، وهو القتل المباشر فقط، بل تعدّته إلى وجوه أخرى، مثل الإبادة الفكرية والدينية والإعلامية، وهذا، على كل حال، ديدن “مملكة القهر”، بل وسبب وجودها، ضد كل من قاوم يوماً، ولو بالكلمة، “المشيئة الأمريكية الإسرائيلية” في المنطقة، وحالة “مصر عبد الناصر” قديماً، والنزيف السوري الراهن حديثاً، أبلغ دليل على ذلك، وفي هذا الإطار من المهم التنبه إلى ما يجري هذه الأيام على الأراضي التركية من تنسيق تركي- سعودي، مع أدواتهما في الداخل السوري، لاستكمال “الإبادة” التي يقومون بها ضدنا منذ أكثر من أربع سنوات.

بيد أن التاريخ لا يرحم، ففيما ستضيق بعد ساعات قليلة العاصمة الأرمنية “يريفان” بزوارها من رسميين وشعبيين للتضامن مع الضحايا، ويضيق صدر “أردوغان” وزمرته في “أنقرة” من ثقل الجريمة، سيأتي يوم، وهو ليس ببعيد، تضيق به “صنعاء” وغيرها من عواصم ضحايا جرائم “الاندفاع بلا رؤية” بالمتضامنين، فيما ستضيق صدور المجرمين في عواصمهم أملاً بيوم تضيق به جدران السجون عليهم.

“في عام 1985 نشر 69 مؤرخاً أميركياً، أهمهم “برنارد لويس” بياناً ينفي وقوع أي عملية تطهير عرقي للأرمن من قبل الأتراك، غير أن تحقيقاً لاحقاً أثبت أن معظمهم استلم منحاً مالية من الحكومة التركية”، كما أوردت صحيفة عربية مؤخراً، والسؤال: كم ستثبت تحقيقات لاحقة أن مثقفين وسياسيين ورؤساء دول، استلموا منحاً مالية من السعودية كي يهللوا لـ “مبدأ سلمان” في إبادة اليمنيين والسوريين وغيرهم من القابضين على جمرة العروبة الملتهبة؟!!.

بقلم: أحمد حسن

انظر ايضاً

عصر التحولات الكبرى الجديدة بقلم: بسام هاشم

.. للمفارقة، فقد توجت “نهاية التاريخ” بتدمير نظام القطبية الأحادية نفسه، ليدخل عالم اليوم مرحلة …