مغارة جوعيت.. متنزه شعبي وترفيهي لأهالي المنطقة

طرطوس-سانا

لاتزال مغارة جوعيت في ريف محافظة طرطوس كنزا ولغزا كامنا في قلب الطبيعة وتحديا لبعض المستكشفين المهتمين الذين استطاعوا عبر رحلات قليلة سبر جزء من أغوار المغارة المتعرجة والضيقة ذات الصواعد والنوازل والصخور النادرة عالميا.

ملامح المغارة اللغز زادت الحاجة لاهتمام غير محدود على المستوى الحكومي خصوصا لاستكمال رصد أسرارها وإغناء الخارطة السياحية السورية بها.

وفي حين كانت جوعيت الواقعة في قرية سريجس على بعد 7 كيلومترات عن مدينة الشيخ بدر مجرد كهف مجهول بالنسبة لأهالي المنطقة لعقود طويلة فإن المتنزه المجاور للمغارة والممتد على 3 مصاطب في سفح الجبل شكل جزءا ساحرا من ذكريات طفولتهم وطفولة آبائهم حيث كان ملتقى للأطفال والعائلات من مختلف مناطق المحافظة بما يضمه من ألعاب ومساحات للهو والجلوس تظللها أشجار السنديان والبلوط إلا أن الموقع ككثير من مواقع السياحة الشعبية أهمل لفترة طويلة قبل إدراجه على خطط إعادة التأهيل من قبل الأمانة السورية للتنمية في طرطوس.

وتشير المتطوعة ميس أيوب مسؤولة فريق التنظيم المجتمعي المشكل من الأمانة السورية للتنمية في الشيخ بدر إلى أهمية مشروع التأهيل الذي بدأ أواخر شهر أيلول الماضي واستمر عشرة أيام بجهود متطوعين شباب من أهالي الشيخ بدر وبالتعاون مع بلديتها تم تدريبهم ليشكلوا فريق التنظيم المجتمعي الخاص بمنطقتهم والقادر على دراسة احتياجاتها والتخطيط لمشاريع اجتماعية تنموية تلبيها مبينة أن إعادة الألق لمحيط مغارة جوعيت كانت الخطوة الحقيقية الأولى لاختبار قدرات الفريق بنجاح وتفعيل موقع في غاية الأهمية بالنسبة للسياحة الشعبية بالمنطقة.

وتؤكد أيوب في حديث لنشرة سانا سياحة ومجتمع أن حضور المغارة والمتنزه في ذكريات طفولة المتطوعين لعب دورا في العمل بإصرار أكبر على إعطاء المكان ما يستحقه من اهتمام فتم تنظيم الموارد المتاحة لإعادة التأهيل بأقل تكاليف وشمل ذلك أعمال تنظيف الأرض وإزالة الأوساخ من تجاويف الأشجار والصدأ عن ملاهي الأطفال وإعادة طلائها وتجميل الغرفة المخصصة فيها لبيع المأكولات والمشروبات حيث شارك الأطفال في الرسم على جدرانها فضلا عن إعادة طلاء المقاعد.

وأشارت إلى أن الحماسة انتقلت بالعدوى إلى كثير من الأهالي المارين بالموقع فابدوا استعدادهم للمشاركة وتبرع بعضهم بما ينقص من مواد الدهان وسلات المهملات التي كانت عبارة عن علب فارغة قام المتطوعون بتغليفها وتجميلها في نموذج محبب لإعادة تدوير التوالف إضافة إلى تخصيص أمكنة خاصة على المصاطب لتمكين ذوي الإعاقة من التنقل بالكراسي المتحركة.

ولفتت أيوب إلى أن الأمطار حالت في بعض لأحيان دون استكمال العمل إلا أن إصلاح الأمر كان يتم سريعا وتم افتتاح الموقع في منتصف تشرين الأول الماضي مبينة أن الافتتاح الذي استقطب العديد من الأهالي والاطفال خصوصا تضمن رواية قصة خيالية عن تنين يدعى جوعيت كان غاضبا بسبب الأساخ التي ينشرها الناس قرب المغارة وفي الأشجار وأنه أصبح سعيدا الآن بالنظافة وبرؤية الأطفال يلعبون في المكان ويحافظون عليه.

وتشير مسؤولة فريق التنظيم المجتمعي إلى حاجة الموقع مع بدء فصل الربيع للرعاية المستمرة واستدامته كمنفذ توعية اجتماعية ومركز تفاعلي ترفيهي مفيد يضم أنشطة متنوعة إضافة إلى إنارة الموقع واستثمار مرافقه الخدمية مؤكدة أن تأهيل المكان خطوة مشجعة أكثر فأكثر لسبر أعماق مغارة جوعيت وإيلائها الأهمية البحثية والسياحية اللائقة بها.

ويذكر عضو فريق التنظيم المجتمعي المتطوع تمام حبيب أن بعض المستثمرين أبدوا اهتمامهم باستثمار المغارة بعد أن تم تأهيلها .

ويلفت حبيب إلى أن التحدي الأبرز يكمن اليوم في الاستمرار بالحفاظ على الموقع وتكريسه كمكان ترفيهي ثقافي وإرساء ثقافة التطوع في المجتمع المحلي مشيرا إلى أن منطقة الشيخ بدر تحتوي على الكثير من المواقع المماثلة وميادين العمل التطوعي ما يعني حاجة مضاعفة إلى مزيد من المتطوعين.

من جهتها توضح نغم سليمان عضو في الفريق أن إثارة فضول المجتمع المحلي أثناء العمل هو عامل التشجيع الأول الذي يدفعهم للمشاركة بروح من المسؤولية والمحبة للمنطقة والوعي بضرورة تنميتها مشيرة إلى أن الفترة المقبلة واعدة بكثير من النشاطات النوعية الموجهة للأطفال والعائلات وأبناء الشهداء خصوصا.

وتتوقع سليمان أن يكون تأمين المواصلات إلى الموقع في الصيف أكثر سهولة لكونه بات نقطة جذب أكبر للسياحة الشعبية مشيرة إلى أن عدة زيارات من أعضاء الفريق إلى الموقع بعد افتتاحه أظهرت زيادة ملحوظة في الوعي الأهلي والغيرة على المكان حيث تراجعت كمية النفايات التي كانت تخلفها رحلات الأهالي وأصبح المرتادون يجمعونها في أكياس ويضعونها جانبا.

رزان عمران

انظر ايضاً

مغارة جوعيت… كنز طبيعي مازال يحمل الكثير من الأسرار

طرطوس-سانا من أجمل المغارات الموجودة في سورية حيث صاغتها ريشة الطبيعة في عمق الصخور لتزينها …