“بتول شريقي”.. انطلقت من نفق الإعاقة نحو ضياء العمل المنتج

اللاذقية-سانا

بعد سنوات من الإعاقة كانت خلالها الشابة “بتول شريقي” تنتظر من يمد لها يد العون كل لحظة لتقوم بأبسط الأعمال اليومية قررت الشابة ذات العشرين ربيعا أن تنتفض على واقعها المؤلم لتحول حالة الصمم والبكم التي ابتليت بها إثر حمى شديدة أصابتها في سنوات الطفولة المبكرة إلى حافز لها يوفر عليها عناء استجداء من حولها والإحساس المتواصل بأنها مجرد عالة على الآخرين.

انطلقت الشابة بإصرار وتحد تفتش في زوايا حياتها الحزينة عن بقعة ضوء توسع أمامها الأفق منطلقة في ذلك البحث المضني من شغفها بالأعمال اليدوية التي تعلمت بعضها من والدتها فكان أن وقع اختيارها على حبات الخرز التي كانت تستخدمها نسوة العائلة لشك الملابس لكنها قررت هذه المرة أن تستخدمها لصنع الإكسسوارات التي تتزين بها الشابات وخاصة أنها كانت مولعة بالتصاميم التي تزين واجهة المحال التجارية.3

ولم تكن البداية صعبة كما تسرد شريقي في حديثها لنشرة سانا الشبابية إلا أنها في الوقت نفسه لم تكن جادة بما يكفي لعدم معرفتها بعد من أين ستكون الانطلاقة لكن ذكاءها المتقد جعلها تبحث عن مصادر المواد الأولية لهذه الصناعة اليدوية فاهتدت إلى المحال التجارية التي تبيعها وتمكنت بفضل بعض المقربين من الذهاب إلى إحدها والحصول على بعض الخرز الملون وخيوط الاستيك وبعض السلاسل والأقفال.

وتضيف.. “بدأت افترش الأرض يوميا في غرفتي لاجرب وحدي كيفية صنع قلادة أو سوار وكانت النتائج المبدئية مرضية إلى حد ما لكن العمل لم يكن متقنا بما يكفي فسعيت للتواصل مع واحدة من المتخصصات في هذا المجال عن طريق صديقة لي وتلمست منها كثيرا من التعاطف حيث صارت تعلمني كيفية ربط الخيوط وتركيب الأقفال وتوجه لي بعض النصائح حول جودة المواد المتوفرة وطرق استخدام كل منها وإمكانية إدخال بعض التفاصيل الجمالية على القطعة”.

وما هي إلا أشهر قليلة حتى باتت الشابة شريقي تعرف كل صغيرة وكبيرة عن تفاصيل هذا العمل وخلال عامين لا حقين صار بإمكانها أن تنفذ أي تصميم تراه في المجلات أو على مواقع الانترنت بما في ذلك التصاميم التي تطلب منها عن طريق التوصية وبدأ صيتها ينتشر ضمن محيطها حيث باتت أكثر براعة ودقة في العمل ما وفر لها فرصة بيع بعض المنتجات التي تقوم بتصميمها وصناعتها.4

أما الفرصة الأهم التي حققت لها نقلة نوعية في حياتها المادية والنفسية فكانت من خلال إحدى النساء التي عرضت عليها شراء بعض من منتجاتها شهريا مقابل مبلغ مالي جيد وتسويقه بالنيابة عنها وهنا تؤكد شريقي أنها شعرت للمرة الأولى في حياتها أنها قادرة على تقديم شيء ما وأنها لم تعد عالة على الآخرين وخاصة أنها باتت صاحبة دخل شهري راح يزداد تدريجيا بعد مشاركتها في المعارض التي تقام دوريا في محافظة اللاذقية وبيع بعض من منتجاتها إلى المحال التجارية.

وأضافت.. “لم اتخيل يوما انني سأخرج من قوقعتي وأمزق شرنقة الإعاقة التي عانيت منها لكن الإنسان إذا تمسك بالإيمان والصبر وعمل جاهدا على تطوير نفسه فإنه سيصل إلى مراده حتما وسيلاقي نتائج إيجابية لجهده ومثابرته وهذا ما حدث معي إذ أنني اليوم أشعر بأن لا متسع من الوقت أمامي لأنهي أعمالي المتراكمة وأنفذ حجم العمل المطلوب مني بعد أن كنت ازرع المنزل جيئة وذهابا غير قادرة على عمل ما هو مفيد وممتع كالآخريات بالإضافة إلى أنني أصبحت أورد الدخل إلى أسرتي وأساعدها في تلبية الكثير من المتطلبات الحياتية وكل هذا النجاح مرده إلى الإيمان بالله وبالقدرة الذاتية للشخص”.

صفاء علي