معرض دمشق الدولي… إرثٌ متجددٌ ينعشُ ذاكرةَ السوريين-فيديو

دمشق-سانا

تنتعش ذاكرة السوريين في كل مرة يتردد فيها اسم معرض دمشق الدولي مستحضرين صور الماضي المحفورة في ذاكرتهم ليقصوا معها أحداثا وروايات عن معاصرتهم لهذا الإرث السوري المهم والمتجدد.

منذ أن نظم في عام 1954 وحتى وقتنا الحالي لا يزال المعرض يشكل بالنسبة للسوريين عموما والدمشقيين خصوصا طقسا سنويا ينتظرونه بلهفة وأخذ حتى عام 2002 موقعا مهما في وسط مدينة دمشق ممتدا من جسر فيكتوريا ومتحف دمشق الوطني حتى ساحة الأمويين بمحاذاة نهر بردى قبل أن ينتقل إلى موقعه الحالي على طريق مطار دمشق الدولي.

ومع اقتراب موعد المعرض في دورته الحادية والستين يستذكر السوريون زياراتهم وانطباعاتهم عن المعرض لدوراته السابقة ليتحدثوا لكاميرا سانا عما يحملونه في جعبتهم من تلك اللحظات الذهبية في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

أبو مازن المبيض “رجل ستيني” التقيناه في مقهى النوفرة الأثري يقول: “من منا لم يزر مع والديه أو أبنائه أو إخوته وحتى أصدقائه وأقاربه المعرض وقضى فيه أوقاتا من المرح والسمر وحضر عروضه الفنية والغنائية والمسرحية والمسابقات وغيرها من الأنشطة للكبار والصغار فقد كان على المستوى الاجتماعي ملتقى للعائلة السورية” مشيرا إلى أن الإضاءة الملونة والنوافير وصوت فيروز الذي ينتشر في المكان كانت تبعث الفرح والتفاؤل.

فسحة دمشقية كبيرة في النهار وحلقات سمر في الليل هكذا وصف أبو مازن المعرض واهميته في الماضي والحاضر لكونه ملتقى سياحيا واجتماعيا واقتصاديا سنويا.

أبناء المحافظات الأخرى كانوا يعتبرون زيارة المعرض سياحة ترفيه وتسوق ولا سيما أنه يتربع على ضفاف بردى وسط دمشق وقرب عدد من المعالم الأثرية والسياحية منه “كالجامع الأموي وسوق الحميدية والتكية السليمانية” وفق ابراهيم الجراح.

ويضيف الجراح أن المعرض كان يضم الأجنحة الصناعية والتجارية للبلدان المشاركة وتقام على أرضه مختلف الفعاليات الثقافية والفنية التي يحييها فنانون عرب وأجانب أبرزهم “فيروز وصباح ونصري شمس الدين وميادة الحناوي وعبد الحليم حافظ وغيرهم”.

مصطفى شعبان الذي كان صغيرا في السنوات الأولى من عمر المعرض استذكر لنا أيام المعرض الجميلة والذي كان يستمر آنذاك شهرا كاملا حيث تتحول الزيارة للمعرض إلى طقس يومي برفقة الأهل والأصدقاء مشيرا إلى جمالية أيام المعرض في حلته القديمة غير ناس أعلام الدول المشاركة التي كانت تصطف على طول شارع بيروت ما بين ساحة الأمويين والتكية السليمانية بحيث تطل على نهر بردى.

وبحسب شعبان فإن تلك الأيام لا تعوض حيث كان ورفاقه يعبرون النهر سباحة للوصول للمعرض كونهم لم يكونوا يملكون نقودا لدخوله مشيرا إلى أنه لا ينسى عندما تم الإعلان خلال المعرض عن جائزة كبيرة لمن يحمل في جيبه نصف فرنك مبخوش وكان ذلك بعد إلغاء تداوله بفترة طويلة وسباق السيارات والجوائز والهدايا التي كانت تقدمها الشركات الأجنبية المشاركة.

أنور الشامي أبو عدنان حدثنا عن ذكرياته التي لا ينساها عن أيام معرض دمشق الدولي قديما وحنينه إليها قائلا: “المعرض الحالي يتميز بألقه وحيويته من حيث اتساع المساحة للأجنحة أو للحدائق والمسارح والفعاليات الجديدة المقامة على أرضه لكن المعرض القديم كان أكثر حميمية لقربه من مختلف مناطق العاصمة إضافة إلى الذكريات الجميلة التي لا تزال تنبض في روحه وقلبه حين يمر بالقرب من المعرض القديم مشيرا إلى أن المعرض الحالي سيشكل للأجيال الجديدة ذاكرة مستقبلية تحمل الكثير من الصور والتفاصيل.

وتحدث أبو عدنان عن مشاركته في الدورة التاسعة والثلاثين من معرض دمشق الدولي حيث قدم منتوجاته من البياضات وحاز من خلال هذه المشاركة جائزة تقدير لجودتها ما حفزه دائما على المشاركة في المعارض.

تعبق ذاكرة المعرض بأطياف الفرح والحنين بالنسبة لـ أحمد التيناوي مستذكرا صوت فيروز الذي كان يصدح بأجمل أغانيها لدمشق وبردى والغوطتين والشام وأهلها.

عشرات السنوات لم تمح من ذاكرة السوريين تفاصيل هذا الحدث الذي عايشه الكثيرون منذ طفولتهم حيث يقول المؤرخ السوري أحمد بوبس في حديث لسانا إن هذه التظاهرة السياحية والاقتصادية والشعبية الجميلة تختزنها ذاكرة السوريين وتحفظ مشاهدات وصورا مليئة بالجمال والدهشة حيث كان عمري 8سنوات في أول دورة للمعرض عام 1954 إذ كان افتتاحا ضخما في الملعب البلدي آنذاك حضره عدد من زعماء الدول العربية والسفراء.

تفاصيل تتصف بالسحر والجمال استذكرها بوبس تعكس بهجة الأطفال في المعرض مبينا أنهم كانوا يتسابقون للحصول على إعلانات الشركات والدول المشاركة إضافة إلى مدينة الملاهي الضخمة والتي تضم أحدث الألعاب الكهربائية حينها والسيرك العالمي والزوارق الموضوعة في نهر بردى وإذاعة المعرض المتميزة تبث أغاني فيروز ووديع الصافي ورفيق شكري وغيرهم وتنتشر في كل الأرجاء والنوافير المتوزعة بأشكال وألوان رائعة.

بين ماضي وحاضر المعرض مقارنة يربطها بوبس بأسباب أدت إلى تغير شكل ومكان المعرض لكنه بقي محافظا على مكانته وعراقته المحلية والدولية منها زيادة عدد المشاركات ما أدى إلى توسعة أرضه ومقره وانتقاله إلى مقره الجديد منوها بقربه سابقا من مدينة دمشق والقرب بين أجنحته وأقسامه وكثرة المساحات الخضراء.

لذاكرة المعرض وتوثيقها أهمية بالغة بحسب بوبس الذي يعتبر أن معرض دمشق الدولي استطاع أن يصل إلى مكانة عالمية عام 1956 ولا سيما بعد أن تم الاعتراف به رسميا من منظمة المعارض الدولية لافتا إلى ضرورة التركيز عليه وتطويره مع تكثيف الاهتمام بالجانب الاجتماعي والفني منه.

ويفتتح معرض دمشق الدولي دورته الحادية والستين هذا العام تحت شعار من “دمشق إلى العالم” في الـ28 من آب ويستمر لغاية الـ6 من أيلول.

بشرى برهوم ومها الأطرش

تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency

انظر ايضاً

تأجيل موعد إقامة معرض دمشق الدولي

دمشق-سانا أجلت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية موعد إقامة الدورة الثانية والستين لمعرض دمشق الدولي إلى …