ويتحدثون عن الحل السياسي

يكثر الحديث عن الحل السياسي للأزمة في سورية وتطرح المبادرات السلمية وتعقد اللقاءات وتجرى المشاورات لبلوغ هذا الحل، ودائماً تؤكد الحكومة السورية وتشدد على أنها مع هذا الحل وتعمل من أجله في كل الاتجاهات وعلى أكثر من صعيد، ولكن دائماً أيضاً يبرز التناقض الواضح والشديد بين الواقع على الأرض وبين الحل السياسي الذي تنشده الدولة السورية.

فالحل السياسي يحتاج أولاً إلى عقل سياسي وهذا غير متوفر إطلاقاً لدى الطرف الآخر على الأرض المتمثل بالمجموعات الوهابية التكفيرية الإرهابية المرتبطة بدول وقوى إقليمية وخليجية وغربية تعمل على تدمير سورية، وهذه المجموعات، كما هو واضح ومعروف لدى الجميع لا تمتلك حرية اتخاذ القرار أولاً، ولا يمكن أن تفكر بعقل سياسي ثانياً، فعقيدتها وتفكيرها وممارساتها تنحصر بالإرهاب والقتل والتدمير، وهي مصنعة لهذه الغايات الجرمية فكيف لها أن تفكر سياسياً؟

وإذا ما كان الحديث عما تسمى «معارضة معتدلة» فهذا أكثر من خيال، إذ لا يوجد على الأرض السورية أي من المجموعات التي تحمل السلاح يمكن أن تكون معتدلة، فكلهم في النهاية «داعش والنصرة» وإذا كان هناك من فروق فـ «داعش والنصرة» تجز رؤوس البشر أمام عدسات التصوير، وما تسمى غربياً «معارضة معتدلة» تأكل أكباد السوريين أمام عدسات التصوير أيضاً، وهذه وتلك لا يمكن أن تكون معتدلة، ولا يخطر على بالها الحل السياسي للأزمة في سورية.

والمصيبة أعظم إذا ما كان الحديث عما تسمى «معارضة» في الخارج، فهذه مؤلفة من أسماء أغلبها يعمل لدى أجهزة الاستخبارات السعودية والقطرية والتركية والإسرائيلية.

نعم أغلب أسماء هذه «المعارضات» تعمل لدى أجهزة استخبارات دول معادية وتتقاضى أجوراً على تعاملها وتآمرها، ما يعني أنها لا تمثل أحداً في سورية، ولا تقول إلا ما تؤمر به من أجهزة الاستخبارات التي تعمل لحسابها، والأدلة مؤكدة وواضحة ويعرفها السوريون وغيرهم جيداً، لذلك كيف يمكن المراهنة على مثل هذه الأسماء لإنتاج حل سياسي للأزمة في سورية ما دام مشغلوها هم سبب الأزمة؟

ومع ذلك، فالحل السياسي للأزمة في سورية هدف وغاية ومطلب للسوريين وحكومتهم، ولكن هذا الحل لن يكون مع المجموعات الإرهابية التي تجزّ الرؤوس وتأكل الأكباد، ولا مع الدول والقوى التي تشغّل هذه المجموعات، فهذه عملت وتعمل على قتل السوريين وتدمير بلدهم.

الشعب السوري والجيش العربي السوري هما اللذان يصنعان الحل السياسي ويلقنان الإرهابيين في الداخل والأعداء في الخارج الدرس الذي لن ينسوه.

بقلم: عز الدين الدرويش