الشريط الإخباري

المهمة الدقيقة والحذر المتبادل

توحي توجهات المبعوث الدولي دي ميستورا للدخول في شعاب المسألة السورية برغبته في تحقيق شيء لحلحلة ما في تشابكاتها.

يدرك هو– ولا بد – الصعوبات التي تواجهه، ما يتطلب دقة لا متناهية في رسم كل خطوة من خطواته باتجاه تحقيق أي خرق يمكن أن تمر منه حلول أوخريطة حل.‏

حذره واضح في حركته الجدية المتأنية المستطلعة لأراء ومواقف القوى المؤثرة بالمسألة، وفي مبادرته تجاه مدينة حلب التي تحتاج دون شك إلى الكثير من الوضوح والايضاحات، ابتداء من التعبير الجديد الذي استخدمه «تجميد» وليس انتهاء باختياره للتجربة في مدينة حلب.‏

الحكومة السورية من جانبها حذرة بالتأكيد ولاسيما بعد تجارب لها سابقة مع المبعوثين الدوليين الذين بدوا لها كمن يبلغ رسالة ولا يبتكر حلا ً. حتى عقد مؤتمر جنيف لم يكن في الحقيقة إلا مبادرة روسية أحيطت بالكثير من الجهد واجتراح المحاولات. وعلى الرغم من الحذر المفترض موضوعياً لدى الحكومة السورية فهي أعطت لمهمة ومبادرة السيد دي ميستورا دفعاً حقيقياً من خلال إعلانها أن المبادرة جديرة بالدراسة.‏

اختيار المبعوث الدولي مدينة حلب محلاً لتجربته الأولى في اطار مهمته الصعبة قد لا تبدو أسبابه واضحة بشـــــكل كامل .. لكنها لا تحــرج الحكومة السورية. لقد سبق لها أن اقترحت مدينة حلب محلاً لتجربة هدنة أوتوقف عن القتال منذ مؤتمر جنيف. لم يؤخذ بالاقتراح وعوضاً عن حلب اقترحت بعض قوى المعارضة مدينة حمص محلاً لهذه المحاولة. فيما بعد وبجهود الحكومة أولاً كانت تجربة رائدة في حمص.‏

أقول : « بعض قوى المعارضة « لأنه من المستحيل جمع المعارضات السورية على موقف ما. ومن بين هذه المعارضات كان المعترضون الرافضون لتجربة حمص أكثر من الموافقين إن وجدوا. ســيعلم السيد دي ميستورا أن هذا التعدد الغريب في هذه المعارضات هو العقبة الأهم أمام مهمته.‏

بالأمس تلقى دعماً كبيراً لمهمته من الحكومة – كما أسلفت – من خلال اعلان الحكومة أنها ستدرس المبادرة. هنا المعني واضح محدد صاحب قرار ومسؤولية ويرغب في السلام ، فمن يواجهه على الطرف الآخر؟‏

حركة السيد دي مستورا تشير إلى فهمه لهذه النقطة وتحسبه لها.. لقاؤه مع أطراف من المعارضة.. زيارته لمدينة حمص … ثم … من المؤكد أنه يعمل مع طرف آخر مواجه يتمثل بالقوى التي تدعم هذه المعارضات على أساس قدرتها على فرض ما تريده! وستكون مشكلته هنا أيضاً تعدد الجهات الداعمة وتنوع مصالحها … فيكون لابد من رأي المدير.‏

الحكومة السورية بموقفها الحذر من المبادرة قدمت دعماً لدي ميستورا ليمضي بخطوة نحو الأطراف الأخرى فيواجه الحرج الحقيقي. بالنسبة للحكومة وفق ما أعلنته تريد أولاً السلام لحلب وتريد دائماً الاتفاق على محاربة الارهاب. وبالتالي لن تسمح بحلول تخفف الخناق -حيث هو موجود- على الارهاب. وفي اطار هذا وذاك كل الحلول ممكنة.‏

بقلم: أسعد عبود