سامية الصفدي.. رحلة مليئة بالتحدي والعطاء لخدمة مجتمعها

السويداء-سانا

رحلة طويلة مليئة بالتحدي والبحث والعطاء جسدتها الفنانة التشكيلية سامية جايد الصفدي خلال مسيرتها متنقلة بين العمل الفني والتطوعي والمجتمعي قبل أن تحط رحالها في حديقة صغيرة تجري عليها بحثا زراعيا وطبيا ضمن مدينة السويداء.

الصفدي ابنة قرية داما في ريف السويداء الشمالي الغربي حملت إبداعاتها وما اختزنته في ذاكرتها لتحقيق طموحها في المجال الفني بعد تخرجها من معهد الفنون الجميلة بدعم وتشجيع من والدها مشتغلة على خامات متنوعة تجرب وتحاول وتبحث عن مكنوناتها داخل الصخور الصلبة رغم صعوبة التعامل معها.

تجارب فنية متعددة بين الرسم الزيتي والنحت والأعمال اليدوية المتنوعة أبدعتها الصفدي منها بورتريه لفتاة على حجر غير قابل للنحت نالت عليه سبع جوائز محلية وخارجية فضلا عن 31 تمثالا بارتفاع نحو مترين من التراب والتبن تجسد العبادة الوثنية في العصر الجاهلي في مسلسل خالد بن الوليد عام 2005 بعد إخفاق محاولات عدد من الفنانين في ذلك لتكرم على إثرها في عدة دول.

الصفدي التي أرادت إثبات قدرة المرأة السورية ومهارتها في مختلف الميادين شاركت في مسابقة بريطانية هولندية عالمية لإعادة تدوير النفايات عام 2006 ونالت الجائزة الأولى فيها باختصاص الفنون الجميلة عن مشروع أعدته على إطارات السيارات أتيحت لها فرصة تطبيقه في إحدى الدولتين المنظمتين لكنها فضلت العودة إلى بلدها سورية.

وأمام شغفها وبحثها عن التنوع فتحت المسابقة المذكورة المجال للصفدي حين تكريمها في الهند لتبدأ دراسة دبلوم غذائي بمعهد التغذية العالمي فيها عام 2007 مع اختيارها لنبات الصويا مشروعا لبحثها بدءا من بذوره وحتى إنتاجه وتصنيعه موظفة ذلك في إعداد أنواع متعددة من الأطعمة البديلة عن اللحم الحيواني تلبي بها حتى الآن احتياجات شريحة واسعة من النباتيين بالاعتماد على بروتين الصويا منها الشاورما والسجق والمرتديلا والكبة وغيرها من الأصناف التي شاركت فيها في معارض داخلية وخارجية لاقت استحسانا وتقديرا عليها.

المحطة الأهم والأبرز بالنسبة للصفدي كانت كما تلفت انطلاقها قبل سنوات بمشروع زراعي صغير وسط مدينة السويداء رغم الضجيج والتلوث وما لاقته من صعوبات وتحديات إلا أن ذلك لم ينهيها عن تحقيق حلمها الصغير بوجود مكان تجري فيه أبحاثها مستفيدة من دراستها في الهند مستثمرة قطعة ارض من أملاك مجلس المدينة كانت مهملة لتحولها بجهدها الشخصي وبعد عمل شاق إلى حديقة مليئة بالنباتات الطبية والأشجار انطلاقا من حبها للأرض والزراعة باعتبارها من أسرة فلاحية.

مئات الأنواع من النباتات والأشجار والأزهار ما زالت الصفدي ترصد تطوراتها وتجري عليها تجاربها بعد أن جلبت الكثير من بذورها من بلدان عديدة محاولة التهجين بينها وبين النباتات السورية ومواءمتها مع البيئة المحلية مع اهتمامها بشكل خاص بشجرة الكينا التي تسمى شجرة الحياة لفوائدها الصحية الكبيرة إضافة إلى تجربتها الناجحة في زراعة الفطر المحاري ذي القيمة الغذائية العالية مع إعدادها مؤلفين حول الدراسات الغذائية إلى جانب مواصلة بحثها العلمي الشامل قيد الإنجاز عن النباتات والأشجار والزهور الطبية مبدية أملها في تقديم الفائدة فيها لكل الناس.

محطات عديدة عنوانها حب العمل والنشاط والعطاء وتحدي الظروف أغنت مسيرة الصفدي 46 عاما لتكرس مهاراتها المتعددة في خدمة مجتمعها منها..عملها متطوعة لمدة ثلاث سنوات في بيت اليتيم بالسويداء فضلا عن كونها صاحبة فكرة إقامة مشروع سوق المرأة الريفية الذي يستهدف دعمها وتطويرها مع عملها في التدريس مع منظمة الأمم المتحدة في العديد من المحافظات ومشاركتها في معارض داخلية وخارجية وفرق جوالة واستكشافية لتوثيق ما تحتضنه الأرض السورية فضلا عن مساهمتها في اكتشاف قالب لصهر المعادن بأحد المواقع الأثرية على نهر الفرات خلال عملها مع إحدى بعثات التنقيب الألمانية سابقا نالت عليه شكر وثناء الباحثين.

الصفدي خلال مسيرتها الغنية تمثل كغيرها من نساء سورية المكافحات نموذجا عن المرأة السورية المعروفة عبر التاريخ بتميزها وصمودها وتحديها أصعب الظروف لتؤكد قدرتها على العطاء وخدمة مجتمعها.

خزامى القنطار